يبرز الغضب الإيراني مجدداً في المشهد الإقليمي بعد صدور بيان قمة البحرين الخليجية، حيث اندفعت طهران إلى موجة انتقادات حادة طالت دول الخليج، وتركزت بشكل خاص على الإمارات. ويأتي هذا التصعيد الجديد رغم اتصالات دبلوماسية سبقت القمة بأيام، ما يعكس حجم التوتر الذي يحيط بالملف الإيراني في لحظة سياسية شديدة الحساسية على مستوى الإقليم.
تصعيد متجدد حول الجزر الإماراتية
أثار موقف المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإماراتية الثلاث موجة من الغضب الإيراني، حيث ردت طهران على البيان بسيل من التصريحات الهجومية. وأكدت الخارجية الإيرانية في بيان اتسم بحدة غير مسبوقة أن موقف الخليج يشكل "ادعاءات باطلة"، بينما تمسكت إيران بكون الجزر جزءاً من سيادتها، في خطوة عكست استمرار مسار التصعيد المتعلق بالجزر والمناورات الإيرانية في مناطق متنازع عليها.
خطاب متوتر يتجاوز الدبلوماسية التقليدية
ويكشف اتساع دائرة الردود الإيرانية أن الغضب الإيراني لم يعد محصوراً في تصريحات الخارجية، إذ خرج مستشارون بارزون للمرشد الإيراني عن صمتهم، وقدموا مواقف سياسية متشددة. وتزامن ذلك مع مناورات بحرية واسعة في الخليج، أطلقت خلالها طهران رسائل مباشرة عنوانها القوة، ما أعطى انطباعاً بأن القيادة الإيرانية تتعامل مع بيان القمة الخليجية باعتباره تحدياً مباشراً لها.
هجوم سياسي لافت من شخصيات بارزة
وفي خطوة غير معتادة، تولى كبار المسؤولين الإيرانيين توجيه انتقادات حادة للإمارات. وقد برز في هذا السياق حديث المستشارين المقربين من القيادة الإيرانية، ممن أشاروا إلى ما وصفوه بـ"أدوار تخريبية" في اليمن وسقطرى، الأمر الذي أعاد الزخم إلى خطاب قديم كانت طهران قد خففت من لهجته خلال الأشهر الأخيرة. ويأتي ذلك فيما لا يزال الغضب الإيراني يتغذى من تراجع نفوذ طهران في ساحات إقليمية كانت تعتبرها ساحات نفوذ ثابتة.
تراجع نفوذ إيران يعمّق حدة ردودها
وتشير معطيات سياسية عدة إلى أن الغضب الإيراني مرتبط بمجموعة تطورات داخل الإقليم، من بينها تراجع تأثير جماعات محسوبة عليها في لبنان وسوريا وغزة، إلى جانب تصاعد الضغوط على الحوثيين في اليمن. وتزامن هذا المناخ معوثيقة عراقية صُنفت بموجبها بعض الفصائل المدعومة من إيران كمنظمات إرهابية، مما زاد مخاوف طهران من اتساع دائرة العزلة السياسية.
تساؤلات حول دوافع الهجوم في لحظة تقارب مع الرياض
وتبدو مفارقة لافتة أن يتصاعد الغضب الإيراني في وقت تتحدث فيه طهران عن تقدم في علاقاتها مع السعودية منذ اتفاق بكين. بل إن وسائل الإعلام الإيرانية رسمت قبل أيام فقط صورة إيجابية عن زيارة مسؤول سعودي لطهران، في حين جاءت الردود الأخيرة لتكشف تناقضاً بين الخطاب الدبلوماسي والتصرفات الميدانية.
توقعات المرحلة المقبلة
يعكس المسار الأخير أن الغضب الإيراني يتجاوز حدود رد الفعل على بيان خليجي، وأنه مرتبط بمخاوف أعمق داخل النظام الإيراني في ضوء ما تعتبره طهران إعادة رسم لموازين القوى الإقليمية. ومن المرجح أن تشهد المرحلة المقبلة تصعيداً سياسياً وإعلامياً متبادلاً ما لم تبادر إيران إلى تغيير سلوكها الذي أدى إلى توتر علاقاتها مع معظم القوى الإقليمية.