أعلنت السعودية وقطر إطلاق مشروع القطار الكهربائي السريع في خطوة تُعد الأكبر في تاريخ الربط السككي الخليجي، ليفتح فصلًا جديدًا من التعاون الاقتصادي واللوجستي بين البلدين. ويأتي هذا المشروع التاريخي ليعيد صياغة مفهوم النقل البري ويحوّل المسافة بين الرياض والدوحة إلى ساعتين فقط، ما يجعل الانتقال بين العاصمتين أكثر سرعة وكفاءة من أي وقت مضى.
شبكة ربط شاملة تتجاوز العواصم إلى أهم مدن الخليج
يربط القطار الكهربائي السريع مسارًا إستراتيجيًا يمتد لمسافة 785 كيلومترًا، ويتضمن محطات تخدم مناطق اقتصادية رئيسية في شرق السعودية مثل الهفوف والدمام، ليمنح المشروع عمقًا محليًا يعزز الحركة التجارية والتنموية داخل المملكة.
كما يربط المشروع بين مطار الملك سلمان الدولي في الرياض ومطار حمد الدولي في الدوحة، ليشكل منظومة نقل متكاملة تدمج بين السفر الجوي والسككي لأول مرة بهذا الحجم في المنطقة.
خمس محطات حديثة وتجربة تنقل بمعايير عالمية
يتضمن المشروع إنشاء خمس محطات رئيسية تعتمد على تصميمات عصرية وتكنولوجيا تشغيل متقدمة. وتشير الجهات المختصة إلى أن هذه المحطات لن تكون مجرد نقاط عبور، بل ستتحول إلى مراكز اقتصادية مصغرة محاطة بخدمات ضيافة وأعمال وترفيه.
ويتوقع متخصصون أن يسهم القطار الكهربائي السريع في تعزيز حركة السياحة، خاصة سياحة الفعاليات الكبرى التي تستضيفها السعودية وقطر، ما يزيد من تدفق الزوار بين البلدين بدعم منظومة نقل مرنة وفائقة السرعة.
وظائف جديدة وأثر اقتصادي يمتد عبر الحدود
تشير التقديرات الأولية إلى أن مشروع القطار الكهربائي السريع سيولد أكثر من 30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال مراحل الإنشاء والتشغيل، ليصبح واحدًا من أهم محفزات سوق العمل الخليجي في السنوات القادمة.
ومن المنتظر أن يعزز المشروع حركة التجارة البينية ويساعد في نقل البضائع الخفيفة والمتوسطة بسرعة أعلى وتكلفة أقل، مما يسهم في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين ويقوي مكانة المنطقة الشرقية السعودية والدوحة كممر اقتصادي رئيسي.
رؤية سياسية موحدة تدعم المشروع
جاء الإعلان عن المشروع عقب لقاء رسمي جمع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز والشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الرياض، حيث أكد الجانبان أن القطار الكهربائي السريع يمثل خطوة إستراتيجية ضمن رؤية السعودية 2030 ورؤية قطر الوطنية 2030.
كما شمل الاجتماع توقيع مجموعة من الاتفاقيات في مجالات الاستثمار والأمن الغذائي والإعلام والقطاع غير الربحي، في إطار سعي البلدين لتعزيز شراكتهما في القطاعات الحيوية.
تعاون ممتد يشمل الطاقة والتنمية المستدامة
لم يتوقف تنسيق البلدين عند مشروع القطار، بل امتد ليشمل ملفات حيوية مثل استقرار أسواق الطاقة، والطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، وتطوير سلاسل الإمداد. كما اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الاقتصاد الرقمي، والصناعة، والتعدين، والتعليم، والأمن السيبراني، والعمل الشبابي والثقافي، ما يدل على شراكة شاملة تكمل المشروع وتوسع أثره الاستراتيجي.
مشروع يعيد رسم مستقبل الخليج
يمهد القطار الكهربائي السريع الطريق لمرحلة جديدة في التعاون الخليجي تعتمد على التكامل بدل التنافس، وتجعل من الربط السككي ركيزة لمستقبل اقتصادي واحد. ومع بدء العد التنازلي لمرحلة التنفيذ، يترقب الخبراء والمستثمرون هذا المشروع باعتباره تحولًا تاريخيًا سيغير مشهد النقل والتجارة والتنمية في السعودية وقطر والمنطقة بأسرها.