أقرّ مجلس النواب الأميركي، في جلسة ليل الأربعاء – الخميس، الصيغة النهائية لمشروع قانون التفويض الدفاعي الوطني للعام المالي 2026، متضمناً مادة تنص على الإلغاء الكامل وغير المشروط لقانون "قيصر" الذي فرض عقوبات مشددة على سورية. وبموجب الإجراءات التشريعية، سيعاد المشروع إلى مجلس الشيوخ بعد إدخال تعديلات محددة، قبل أن يُرفع إلى الرئيس دونالد ترامب للتوقيع، ليصبح نافذاً فور المصادقة الرسمية.
وجاء التصويت على مشروع القانون بأغلبية واسعة بلغت 312 صوتاً مقابل 112، حيث أقرّت ميزانية دفاعية قيمتها 900 مليار دولار، تتضمن زيادة رواتب العسكريين بنسبة 3.8%، وتحسينات في الإسكان والمرافق العسكرية، إضافة إلى تعزيز رقابة الكونغرس على وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، في إطار تسوية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وقد اعترض عدد من النواب المحافظين على المشروع لعدم تضمينه خطوات إضافية لتقليص الالتزامات الأميركية الخارجية.
وكان من المتوقع أن يُرفع القانون مباشرة إلى مكتب الرئيس دون تعديلات، غير أن خلافات داخل صفوف الجمهوريين في مجلس النواب أدت إلى إعادة صياغة بعض البنود بعيداً عن ملف "قيصر"، رغم محاولات من بعض الأعضاء المؤيدين لإسرائيل ربط إلغاء العقوبات بشروط على الحكومة السورية.
وبحسب النص، يبدأ تنفيذ القانون في الأول من يناير/كانون الثاني 2026، ليُنهي العمل بقانون "قيصر" بشكل نهائي بعد سنوات من تطبيقه على دمشق، وبذلك تُلغى جميع العقوبات الأميركية المفروضة على سورية، عقب رفعها من قائمة الدول المصنفة "داعمة للإرهاب".
في دمشق، رحبت وزارة الخارجية السورية بالتصويت، واعتبرته "محطة محورية" لفتح مسار جديد للتعاون. وأكدت أن الخطوة، وما سيتبعها من تصويت مرتقب في مجلس الشيوخ، ستؤسس لمرحلة من التحسن في حركة الاستيراد، وتوافر المواد الأساسية والمستلزمات الطبية، وتهيئة الظروف لمشاريع إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد الوطني.
وأضافت الوزارة أن هذا التطور يمثل فرصة لإعادة بناء الثقة وفتح آفاق تعاون جديدة، بما يمهد لتعافٍ اقتصادي أوسع وعودة الفرص التي حُرم منها الشعب السوري لسنوات بفعل العقوبات، معربة عن أملها في أن يقود التصويت المقبل إلى استكمال إلغاء المنظومة التقييدية بشكل كامل.
ويُعد "قانون قيصر" من أكثر التشريعات صرامة بحق دمشق، إذ منع أي دولة أو مؤسسة من التعامل مع الحكومة السورية أو دعمها مالياً واقتصادياً.
وفي نوفمبر الماضي، قام الرئيس السوري أحمد الشرع بزيارة رسمية إلى واشنطن، هي الأولى من نوعها، حيث التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، وكان ملف "قيصر" أحد أبرز محاور النقاش.
كما رفع مجلس الأمن الدولي، في وقت سابق، العقوبات المفروضة على الشرع ووزير الداخلية السوري أنس خطاب، بعد أن حظي القرار الأميركي بتأييد 14 دولة، فيما امتنعت الصين عن التصويت.
وفي مقابلة مع صحيفة "الشرق" الشهر الماضي، وصف الشرع قرار مجلس الأمن برفع العقوبات بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح"، مؤكداً تطلعه إلى مزيد من النقاشات حول مستقبل العلاقات مع واشنطن. وأوضح أن منهجه يقوم على "البدء بالفعل أولاً"، مشيراً إلى أن النظام السابق لم يتخذ خطوات جدية في هذا المجال، ومؤكداً وجود "علاقات استراتيجية كثيرة بين سورية والولايات المتحدة".