يعيش العديد من مزارعي الحمضيات في لواء الغور الشمالي، حالة من القلق والتخوف من تكرار الخسارة السنوية لموسم الحمضيات، وذلك إثر ملاحظة تساقط كميات كبيرة جدا من ثمار الموسم الحالي.
وقال مزارعون، إن الخسائر باتت حتمية في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها صغار المزارعين، مضيفين أنه "إذا ما تمّت معالجة أسباب التساقط، فسيؤدي ذلك إلى خسائر مالية، في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها أبناء اللواء جراء التحديات الاقتصادية، لا سيما أن الغالبية تعتمد على العمل في الزراعة وتحديدا في زراعة الحمضيات".
وطالبوا الجهات المعنية بـ"ضرورة عمل زيارات ميدانية للمزارع واتخاذ أي إجراء وقائي يخفف من تساقط الثمار، تجنّبا للوقوع في فخ الخسائر".
من جهتها، رجحت مديرية الزراعة في اللواء، أن تكون ذبابة فاكهة البحر المتوسط (ذبابة الأشجار) هي المسؤولة عن ذلك، بعد رصد العديد من الحالات المختلفة.
لذلك، لجأت المديرية إلى تركيب مصائد غذائية لمكافحة ذبابة أشجار الحمضيات، للحد من الخسارة المتوقعة للمزارعين، وقامت بالعديد من الجولات الميدانية التي تقدم النصح والإرشاد للمزارعين.
وقال المزارع محمد الرياحنة، من سكان منطقة المشارع، فإن "نسبة الإصابة في ثمار الحمضيات في مزرعته تزيد على نصف الحمل الإجمالي"، معتبرا أنها "إصابة غير مسبوقة ومن أعلى النسب في تساقط الثمار مقارنة بالمواسم الماضية".
وأشار الرياحنة إلى "أن أغلب المزارعين يعتمدون على ثمار الحمضيات في تعويض خسائرهم من الزراعات الأخرى، لا سيّما أن نسبة زراعة الحمضيات في لواء الغور الشمالي تشكل ما يقارب 90 % من مجمل العمل الزراعي".
ارتفاع ملوحة المياه
وبحسب المزارع أيمن الزينات، فإنه "يملك قرابة 10 دونمات من الحمضيات، ورغم الاهتمام الجيد بتلك المزرعة، إلا أنه لاحظ تساقط ثمار الحمضيات على الأرض دون سابق إنذار، وتغيّر حجم الثمرة من يوم إلى آخر".
وأكد الزينات أنه "حاول العديد من المرات معالجة الأمر، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، فلجأ إلى مديرية الزراعة للحصول على مصائد تمكّنه من حل المشكلة والتخفيف منها لحين انتهاء موسم الحمضيات، الذي يُعدّ ركيزة أساسية في العمل الزراعي في اللواء".
ويقول المزارع علي العيد "إن موسم الحمضيات في لواء الغور الشمالي من المواسم الداعمة للمزارعين، لتمكينهم من تسديد الديون المتراكمة عليهم لمؤسسة الإقراض الزراعي والجهات الأخرى".
أما المزارع محمد الدبيس، فيحمل من جهته "مسؤولية تدني مستوى الإنتاج وتساقط ثمار الحمضيات للجهات المعنية"، قائلا "إن قلة إسالة المياه للمزارع وارتفاع نسبة الملوحة والصوديوم فيها بسبب الاستعانة بمياه سد الملك طلال بدلا من قناة الملك عبدالله، أثر بشكل ملحوظ على الإنتاج كما ونوعا".
بدوره، قال رئيس قسم وقاية وحماية النبات في المديرية، المهندس فارس المشرقي "إنه تم توزيع العشرات من المصائد الغذائية على مزارع المزارعين، بعد رصد العديد من الحالات التي تؤكد تساقط ثمار الحمضيات عن الأشجار".
وأوضح المشرقي "أن عملية تركيب تلك المصائد تتم من قبل موظفي الزراعة"، لافتا إلى "أن طريقة التركيب إذا ما رغب المزارع باتباعها لوحده، تتطلب عمل 5 ثقوب في الجزء العلوي من عنق الزجاجة باستخدام مسمار 5 ملم، ومن ثم وضع قرصين من مادة الخميرة الغذائية، إضافة إلى ملعقة كبيرة من مادة الأمونياك، ويضاف نصف لتر من الماء ويحرك جيدا لكي تذوب المكونات".
مصائد على الأشجار
وأضاف أن "الخميرة تستخدم كمادة غذائية للحشرة، بينما يتم استخدام الأمونياك من أجل جذب الحشرة كونها تنجذب إلى عنصر النيتروجين، ويتم تعليق المصائد من الجهة الجنوبية الغربية للشجرة"، مؤكدا في الوقت ذاته، "أن المصائد تكشف من خلال المراقبة الدورية مدى الإصابة وأعداد الحشرات".
كما أكد المشرقي "أن سبب تساقط ثمار الحمضيات هو حدوث (خلل هرموني) داخل الثمرة، ما يضعفها ويفقدها القدرة على الاستمرار في النمو، وهذا مردّه في معظم الحالات إلى وجود حشرة ذبابة الثمار، التي تكاثر نفسها من خلال ثمار الحمضيات، وهي حشرة مألوفة لدى المزارع، ويمكن الوقاية منها ببعض المبيدات الخاصة في بداية الموسم، وهذه مسؤولية تقع على المزارع بالدرجة الأولى".
وأشار إلى "أن نسبة الإصابة تعتمد على درجة العناية التي يقدمها المزارعون لأشجارهم، ذلك أن بعض المزارعين لا يقدمون العناية المطلوبة للأشجار، وبالتالي تكون عرضة للإصابة بشكل أسرع بالآفات الزراعية".
ولفت المشرقي كذلك، إلى "أن نقص مياه الري أو زيادتها قد يكون سببا آخر يؤدي إلى تساقط الثمار، فضلا عن الظروف المناخية التي اجتاحت مناطق اللواء وساهمت في تدمير بعض المواسم الزراعية".
وكان العديد من مزارعي الحمضيات في لواء الغور الشمالي قد أبدوا مخاوف من مرض لم يحدد نوعه في البداية، يتسبب بتساقط ثمار الحمضيات بمعدلات مرتفعة، زادت في بعض البساتين على 30 % من مجمل أحمال الأشجار.
ويبلغ عدد سكان لواء الغور الشمالي ما يقارب 140 ألف نسمة، موزعين على 3 بلديات، ويعمل قرابة 50 % منهم في القطاع الزراعي.
يشار إلى أن ذبابة فاكهة البحر المتوسط أصغر قليلا من الذبابة المنزلية المعروفة، وعلى جناحيها بقع برتقالية مصفرة، وتضع أنثى فاكهة البحر المتوسط زهاء 1000 بيضة خلال دورة حياتها، بمعدل يصل إلى 40 بيضة يوميا. وعادة ما تضع الذبابة بيوضها في فاكهة ناضجة على الشجرة، إذ تحفر ثقوبا دقيقة في قشرة الفاكهة أو لحائها وتضع بيضتين إلى ست بيضات في كل ثقب.
ويفقس البيض يرقات تأكل ما تصادفه داخل الفاكهة، مما يؤدي إلى سقوطها على الأرض، ثم تختبئ اليرقات في التربة استعدادا للمرحلة التالية من نموها، الذي يسمى طور الخادرة، وعندما تخرج الحشرات من التربة تكون ذبابات كاملة. علا عبد اللطيف "الغد"