أعاد فيلم وثائقي، عُرض مؤخرًا، فتح ملف سياسي حساس، بعد كشفه عن مكالمة هاتفية مسرّبة جمعت الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح برئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» آنذاك خالد مشعل، وأظهرت خلافًا صريحًا حول جدوى «صواريخ المقاومة» في الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وحدود تأثيرها على المدنيين في قطاع غزة.
تباين الرؤى بين الطرفين
المكالمة، التي يعود تاريخها إلى فترة شهدت تصعيدًا عسكريًا واسعًا، كشفت تباينًا واضحًا في الرؤى بين الطرفين، ليس فقط حول أدوات المواجهة، بل أيضًا حول أولويات التحرك العربي والدولي في تلك المرحلة الحرجة.
خالد مشعل يشدد على وقف العدوان
خلال الحديث، شدد خالد مشعل على أن وقف العدوان الإسرائيلي ورفع الحصار عن قطاع غزة يجب أن يكونا على رأس أجندة القمة العربية، وكذلك في أي مشاورات إقليمية أو دولية. واعتبر أن التركيز على هذين الملفين يمثل المدخل الحقيقي لتخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين، في ظل أوضاع إنسانية متدهورة داخل القطاع.
موقف علي عبد الله صالح
في المقابل، اتخذ علي عبد الله صالح موقفًا أكثر حدة تجاه حركة «حماس»، محمّلًا إياها مسؤولية استمرار الغارات الإسرائيلية وسقوط الضحايا من المدنيين. ووفق ما ورد في المكالمة، رأى صالح أن إطلاق الصواريخ من قطاع غزة يمنح إسرائيل ذريعة مباشرة لتصعيد هجماتها، مشددًا على أن ثمن ذلك يدفعه السكان المدنيون قبل أي طرف آخر.
ولم يكتفِ الرئيس اليمني السابق بذلك، بل واصل انتقاده معتبرًا أن الصواريخ الفلسطينية، في شكلها آنذاك، «مضرة بالشعب الفلسطيني»، داعيًا إلى وقفها فورًا.
كما اتهم حركة «حماس» بإنهاء التهدئة القائمة مع إسرائيل، وهو ما أدى – من وجهة نظره – إلى تفجر موجات العنف المتتالية.
الانقسام العربي الداخلي
المكالمة المسربة تعكس جانبًا من الانقسام العربي الداخلي في مقاربة القضية الفلسطينية، بين من يرى المقاومة المسلحة خيارًا لا بديل عنه، ومن يعتقد أن كلفتها الإنسانية والسياسية تفوق مكاسبها، خاصة في ظل اختلال موازين القوة.
إعادة بث هذا التسجيل بعد سنوات من وقوعه لم تمر مرور الكرام، إذ أثارت نقاشًا واسعًا حول طبيعة المواقف العربية في تلك المرحلة، وكيف كانت تُدار الخلافات خلف الأبواب المغلقة. وبينما تتغير السياقات وتتعاقب الأحداث، تبقى هذه المكالمة شهادة نادرة على لحظة سياسية كشفت بوضوح حجم التعقيد الذي أحاط بالقضية الفلسطينية، ولا يزال يحيط بها حتى اليوم.