ناقشت جلسة جانبية ضمن أعمال الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المنعقد بالدوحة حاليا، دور التكنولوجيا في تعزيز النزاهة في المشتريات الحكومية، باعتبارها من أكثر المجالات عرضة لمخاطر الفساد. وأكد مشاركون في الجلسة من هيئة الرقابة العامة في البرازيل وشركات كبرى مثل سيمنز إنرجي وبتروبراس، أن التحول الرقمي أصبح ضرورة لضمان الحوكمة الرشيدة وحماية المال العام، مشيرين إلى أن الفساد في المشتريات لا يمثل مجرد خلل إداري، بل يهدد التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويقوض ثقة المواطنين في المؤسسات. ورأوا أن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يمكن أن يشكلا أداة وقائية تحد من المخاطر وتدعم الرقابة الاستباقية في المشتريات العامة التي تمثل أحد أكبر مجالات الإنفاق الحكومي عالميا، وتشكل بيئة عالية المخاطر من حيث احتمالات تضارب المصالح وضعف المنافسة، مما يجعل اعتماد أدوات رقمية متطورة خطوة استراتيجية لمكافحة الفساد. واستعرضت الجلسة نماذج عملية أبرزها نظام /أليس/ الذي طورته هيئة الرقابة العامة في البرازيل، وهو خوارزمية ذكية لتحليل المناقصات والعقود الحكومية يوميا عبر الربط بين أكثر من 25 قاعدة بيانات ومؤشرات المخاطر. كما عرضت شركة بتروبراس تجربتها في منصتها الرقمية لإدارة سلسلة توريد تضم أكثر من 200 ألف مورد، حيث تدمج المنصة إجراءات التعاقد مع متطلبات الامتثال والتحقق من النزاهة بشكل تلقائي، بما يقلل التدخل البشري ويتيح تحليل مخاطر الموردين خلال دقائق. وفي السياق ذاته، قدمت شركة سيمنز إنرجي نموذجا لمنصة موحدة للفحص المسبق للموردين تشمل التحقق من قوائم العقوبات ومخاطر غسل الأموال وربط النتائج مباشرة بعمليات البيع والتنفيذ، بما يضمن المتابعة المستمرة طوال دورة المشروع. وأكد المشاركون أن هذه الأدوات لا تهدف إلى استبدال الدور البشري، بل إلى دعمه من خلال تقليص الأعمال الروتينية والتركيز على الحالات ذات المخاطر الأعلى. كما شددوا على أن نجاح هذه الحلول يرتبط بجودة البيانات، والتكامل بين الجهات المختلفة، وبناء القدرات البشرية القادرة على فهم مخرجات الأنظمة وتحليلها، إضافة إلى ضرورة وجود أطر قانونية واضحة تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الرقابي. ورغم النجاحات، أشار الخبراء إلى تحديات مثل تحقيق التوازن بين شفافية الخوارزميات وحماية معاييرها من الاستغلال، والحاجة لتدريب الكوادر وتعزيز ثقافة النزاهة. وأكدوا أن التعاون الدولي وتبادل الخبرات شرط لتعظيم أثر هذه الأدوات وضمان أن تسهم التكنولوجيا في خدمة الصالح العام وتعزيز ثقة المواطنين في إدارة الموارد العامة. وخلصت الجلسة إلى أن التحول الرقمي في المشتريات الحكومية لم يعد خيارا تقنيا، بل أصبح جزءا أساسيا من منظومة مكافحة الفساد وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والبيانات المفتوحة يمثل خط الدفاع الأول ضد الفساد، ويفتح آفاقا جديدة لحوكمة شفافة ومستدامة.