في السنوات الأخيرة، أصبحت الرياضة عنصرًا محوريًا في استراتيجيات التنمية الوطنية، ولم تعد تُنظر إليها بوصفها نشاطًا ترفيهيًا فحسب، بل استثمار استراتيجي قادر على إحداث تحوّلات اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة، خاصة في الدول النامية التي تسعى إلى تعزيز حضورها ومكانتها على الساحة الدولية.
من الناحية الاقتصادية، يساهم الاستثمار في الرياضة في خلق فرص عمل، وتنشيط السياحة، و تحفيز قطاعات حيوية كالنقل والضيافة والخدمات. كما أن استضافة البطولات والفعاليات الرياضية الكبرى تؤدي إلى تطوير البنية التحتية وتحسين التخطيط الحضري، ما يترك آثارًا طويلة الأمد على التنمية. وتجسّد دولة قطر مثالًا بارزًا في هذا السياق، حيث نجحت، من خلال استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 والعديد من البطولات العالمية، في التحول إلى مركز رياضي دولي، معززةً اقتصادها وصورتها العالمية، ومستخدمة الرياضة كأداة فعالة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز القوة الناعمة وآخرها بطولة كأس العرب التي لا تزال قائمة حتى الآن وأصبح منتخب الأردن ضمن المربع الذهبي لتحقيق البطولة .
ولا يقتصر تأثير الرياضة على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد أهميتها إلى تعزيز الحضور الدولي وبناء الصورة الذهنية للدول. فقد شكّلت كرة القدم، على سبيل المثال، عنصرًا أساسيًا في بناء الهوية العالمية للبرازيل، التي تحولت بفضل إنجازاتها الرياضية ونجومها العالميين إلى رمز ثقافي ورياضي حاضر في كل أنحاء العالم. وبالمثل، استخدمت كوريا الجنوبية الرياضة ضمن مشروعها التنموي الشامل، حيث ساهمت استضافة أولمبياد سيول 1988 وكأس العالم 2002 في ترسيخ صورتها كدولة حديثة ومتقدمة، وجذبت الاستثمارات وساعدت في انتقالها من دولة نامية إلى قوة صناعية وتكنولوجية عالمية.
كما تلعب الرياضة دورًا مهمًا في إعادة بناء الدول وتعزيز وحدتها الداخلية. فقد مثّلت استضافة جنوب أفريقيا لكأس العالم لكرة القدم 2010 نقطة تحول تاريخية، أعادت من خلالها تقديم نفسها للعالم بعد عقود من العزلة، مستخدمة الرياضة كوسيلة لتعزيز الثقة الدولية وترسيخ التماسك الاجتماعي. وفي السياق ذاته، أظهرت جامايكا كيف يمكن لدولة صغيرة ذات موارد محدودة أن تحجز لنفسها مكانة عالمية من خلال التفوق الرياضي، إذ جعلت إنجازات عدّائيها، وعلى رأسهم يوسين بولت، اسم البلاد حاضرًا عالميًا، متجاوزًا حدودها الجغرافية والاقتصادية.
أما على مستوى الإنجازات الحديثة، فقد برز المغرب كنموذج عربي وإفريقي مهم، حيث أسهم الاستثمار المتدرج في البنية التحتية الرياضية وتطوير كرة القدم في تحقيق إنجاز تاريخي بالوصول إلى نصف نهائي كأس العالم 2022. وقد انعكس هذا النجاح في تعزيز الحضور الإعلامي للمغرب عالميًا، وتحسين صورته كدولة طموحة ومستقرة، ودعم موقعه مرشح لاستضافة بطولات دولية كبرى مستقبلًا. وبالمثل، شكّل وصول الأردن إلى نهائي كأس آسيا محطة مفصلية عززت الفخر الوطني ومنحت البلاد صدى دوليًا غير مسبوق، مؤكدة قدرة الرياضة على تسليط الضوء على دول قد لا تحظى تقليديًا باهتمام إعلامي واسع.
إلى جانب ذلك، تُعد الرياضة أداة فعّالة لتعزيز التماسك الاجتماعي وبناء هوية وطنية مشتركة، خاصة عند الاستثمار فيها على مستوى الشباب. فهي تساهم في نشر القيم الإيجابية، وتعزيز الشمولية، وفتح آفاق جديدة أمام الأجيال الصاعدة، ما يجعلها ركيزة أساسية للتنمية البشرية المستدامة.
وفي الختام، يتضح أن الرياضة ليست تكلفة إضافية على ميزانيات الدول، بل استثمارًا استراتيجيًا طويل الأمد. فهي محرّك للتنمية الاقتصادية، ووسيلة فعّالة للدبلوماسية والقوة الناعمة، وأداة قادرة على نقل الدول النامية من هامش المشهد الدولي إلى موقع التأثير والحضور العالمي، متى ما أُحسن التخطيط لها واستثمارها ضمن رؤية وطنية شاملة
تطوير القطاع الرياضي في الأردن له أهمية كبيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والوطنية، ويمكن تلخيصها كالتالي:
أولًا: الأهمية الاجتماعية:
•شغل وقت الشباب بشكل إيجابي والحد من الانحراف والبطالة.
•تعزيز الروح الرياضية والانتماء الوطني.
•نشر قيم العمل الجماعي والانضباط والالتزام.
•دمج فئات المجتمع المختلفة، بما فيها ذوو الإعاقة.
ثانيًا: الأهمية الصحي
•تقليل معدلات الأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري وأمراض القلب.
•تخفيف الضغط على القطاع الصحي.
•نشر ثقافة النشاط البدني ونمط الحياة الصحي.
ثالثًا: الأهمية الاقتصادية
•خلق فرص عمل (مدربين، إداريين، إعلام رياضي، تسويق).
•تنشيط السياحة الرياضية عبر البطولات والمعسكرات.
•جذب الاستثمارات والرعايات المحلية والدولية.
•دعم الصناعات المرتبطة بالرياضة (معدات، أندية، أكاديميات)
رابعًا: الاهمية التعليمي
•اكتشاف المواهب الرياضية في المدارس مبكرًا.
•تحسين التحصيل الدراسي عبر تنمية الانضباط والثقة بالنفس
•دمج الرياضة ضمن المنظومة التعليمية بشكل فعّال.
خامسًا: الأهمية الوطنية والدولي
•رفع اسم الأردن في المحافل الدولية
•تعزيز القوة الناعمة للدولة
•بناء صورة إيجابية للأردن كدولة داعمة للشباب والرياضة
سادسًا: تمكين المرأة وذوي الإعاق
•زيادة مشاركة المرأة في الرياضة
•دعم الرياضة البارالمبية ودمج ذوي الإعاقة
•تعزيز المساواة وتكافؤ الفرص
تطوير القطاع الرياضي في الأردن يحتاج إلى رؤية وطنية متكاملة تجمع بين التشريع، البنية التحتية، الاستثمار، والتعليم. فيما يلي خطوات عملية ومترابطة يمكن الاعتماد عليها كنموذج تطوير واضح وقابل للتنفيذ:
أولاً: الحوكمة والتشريعات
٠(حوكمة قوية + تخصيص مدروس = نجاح
الحوكمة = كيف نُدار
التخصيص = من يملك ويُموّل
لا تعارض بينهما، لكن الحوكمة يجب أن تسبق التخصيص)
1.تحديث قانون الرياض
•توضيح العلاقة بين وزارة الشباب، واللجنة الأولمبية، والاتحادات.