أقر الكونغرس الأمريكي، بمجلسيه الشيوخ والنواب، مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني للعام المالي 2026، بقيمة 901 مليار دولار، في تشريع دفاعي واسع النطاق يرسخ ملامح السياسة الدفاعية للولايات المتحدة للعام المقبل، ويشمل زيادة في رواتب العسكريين وتوسيع برامج الدعم العسكري لحلفاء واشنطن في أوروبا، ولا سيما أوكرانيا ودول البلطيق. وحظي مشروع القانون في مجلس الشيوخ بتأييد واسع، حيث صوت لصالحه 77 عضوا مقابل 20 صوتا، بعد أيام من إقراره في مجلس النواب بأغلبية 312 صوتا مقابل 112 صوتا، ليحال الآن إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعلن البيت الأبيض أنه سيوقعه ليصبح قانونا نافذا، في ما يمثل العام الخامس والستين على التوالي الذي يقر فيه الكونغرس هذا التشريع الدفاعي السنوي دون انقطاع. ويعد القانون، الذي يشكل الإطار التشريعي الرئيس لسياسات وزارة الدفاع الأمريكية، ثمرة تسوية بين صيغتين منفصلتين كان مجلسا الشيوخ والنواب قد أقراهما في وقت سابق هذا العام، ليتم دمجهما في نص واحد يجيز مستوى قياسيا من الإنفاق الدفاعي يبلغ 901 مليار دولار، ويتضمن زيادة في رواتب العسكريين بنسبة 4 في المئة، إلى جانب إصلاحات في منظومة شراء المعدات الدفاعية، وخطوات تستهدف تعزيز القدرة التنافسية للولايات المتحدة في مواجهة الصين وروسيا. ويخصص القانون حزمة قدرها 800 مليون دولار على عامين لدعم أوكرانيا، بواقع 400 مليون دولار في كل عام، وذلك ضمن مبادرة "مساعدة أوكرانيا الأمنية" التي تمول مشتريات الأسلحة من شركات أمريكية لصالح القوات الأوكرانية، كما يقر "مبادرة أمن البلطيق" التي تتيح تمويلا قدره 175 مليون دولار لدعم القدرات الدفاعية في لاتفيا وليتوانيا وإستونيا. وفي السياق الأوروبي نفسه، يفرض القانون قيودا على أي خفض في عدد القوات الأمريكية المنتشرة في أوروبا، بحيث لا يجوز تقليص قوامها إلى أقل من 76 ألف عسكري، كما يمنع القائد الأعلى للقوات الأمريكية في أوروبا من التخلي عن منصب القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي، في خطوة يصفها مراقبون بأنها تعزز أمن أوروبا رغم ما ينظر إليه على أنه توجه أكثر مرونة في "الاستراتيجية الأمنية القومية" التي أعلنتها إدارة ترامب أخيرا تجاه روسيا والعلاقة مع القارة الأوروبية. وكشف التشريع، الذي يتجاوز حجمه ثلاث آلاف صفحة، عن تباينات واضحة بين الكونغرس ووزارة الدفاع، لا سيما فيما يتعلق بإعادة توجيه الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية؛ ففي حين تسعى إدارة ترامب إلى تقليص التركيز على الساحة الأوروبية وتعزيز الاهتمام بأمريكا الوسطى والجنوبية ومنطقة الكاريبي، نص القانون على الإبقاء على مستوى القوات الأمريكية المنتشرة في أوروبا دون تخفيض، إلى جانب استمرار تقديم بعض أشكال الدعم العسكري لأوكرانيا. ويمثل هذا التشريع صيغة توفيقية بين توجهات البيت الأبيض ومواقف المشرعين، إذ تبنى عددا من الأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس ترامب، خاصة تلك المتعلقة بإلغاء برامج التنوع والشمول داخل المؤسسة العسكرية، مقابل تعزيز آليات الرقابة البرلمانية وإلغاء تفويضات عسكرية قديمة تعود إلى حروب سابقة، في مسعى لتحديث الإطار القانوني الذي يحكم استخدام القوة العسكرية في الخارج.