أمرت السلطات السورية جنودًا من الجيش بحراسة منشأة في صحراء الضمير، شرقي دمشق، كانت مقبرة جماعية خلال فترة حكم بشار الأسد، في خطوة تزامنت مع فتح تحقيق جنائي للوقوف على الملابسات.
عملية نقل الأتربة.. سر دفن الجثث
أفاد ضابط سابق لوكالة رويترز أن الموقع في صحراء الضمير كان مستودعًا للأسلحة، ثم استُخدم لاحقًا لإخفاء آثار مقبرة جماعية.
وبين عامي 2019 و2021، أشرفت دائرة مقربة من نظام الأسد على ما أُطلق عليه "عملية نقل الأتربة"، حيث جرى استخراج جثث آلاف السوريين من ضواحي دمشق ونقلها بالشاحنات إلى الموقع الجديد.
وقال أحد الجنود المشاركين إن المنشأة كانت خاوية خلال العملية باستثناء الجنود المصاحبين للشاحنات التي حملت الرفات.
سرية تامة وإخلاء الموقع
في عام 2018، تم إخلاء الموقع لضمان سرية العملية، ولم يكن يخضع لأي حراسة حتى صيف 2025، عندما قام صحفيون من رويترز بزيارات متكررة للمكان بعد اكتشاف المقبرة.
لاحقًا، أقامت الحكومة الجديدة نقطة تفتيش عند مدخل المنشأة، وأصبح دخول الموقع يتطلب تصاريح رسمية من وزارة الدفاع، مع نشاط ملحوظ للمركبات حسب صور الأقمار الصناعية منذ نوفمبر الماضي.
المنشأة تعود للعمل العسكري
قال ضابط مسؤول إن القاعدة العسكرية في الضمير أعيد تشغيلها في نوفمبر 2025 كثكنة عسكرية ومستودع للأسلحة، في إطار جهود الحكومة لتأمين السيطرة على المناطق المفتوحة ومنع أي طرف "معادي" من استغلالها.
ويربط الطريق الذي يمر بالصحراء بين دمشق وبقايا مناطق تنظيم داعش في سوريا، ما يجعل الموقع استراتيجيًا للغاية.
التحقيقات تكشف تفاصيل جديدة
قال جلال طبش، رئيس مخفر شرطة الضمير، إن الشرطة فتحت تحقيقًا حول المقبرة الجماعية، وأجرت مسحًا للأراضي ومقابلات مع شهود، من بينهم أحمد غزال، ميكانيكي شارك في إصلاح المركبات المستخدمة لنقل الرفات.
وأكد غزال أن جميع التفاصيل التي أفصح عنها لرويترز أُبلغت للشرطة.
كما أفادت الهيئة الوطنية للمفقودين، التي تأسست بعد سقوط الأسد، بأنها تخطط لبدء عمليات نبش واستخراج رفات المقابر الجماعية من عهد الأسد في عام 2027، وفقًا للمعايير الدولية.
العقيد مازن إسمندر وراء العملية
وثائق عسكرية وشهادات من مصادر مدنية وعسكرية أشارت إلى أن العقيد مازن إسمندر كان المسؤول الأساسي عن "عملية نقل الأتربة"، والتي نُفذت أربع ليال أسبوعيًا على مدار عامين.
نقلت الشاحنات الجثث والأتربة من مقبرة القطيفة إلى موقع الضمير، حيث امتلأت الخنادق بالرفات بالتزامن مع الحفر في الموقع الأصلي.
تحقيقات دقيقة بالصور والأقمار الصناعية
اعتمد تحقيق رويترز على مقابلات مع 13 شخصًا مطلعًا على العملية، وتحليل أكثر من 500 صورة للأقمار الصناعية للموقعين.
كما استخدمت طائرات مسيرة وصورًا مركبة عالية الدقة بإشراف خبراء في الجيولوجيا الجنائية، لتأكيد نقل الجثث وإظهار التغيرات في التربة حول الحفر والخنادق.