في تمام الساعة الحادية عشر وثلاث وأربعون دقيقة من ظهر يوم الأحد الموافق السابع من شباط عام 1999 كانت روح المغفور له الحسين بن طلال على موعد لملاقاة خالقها, تاركة وراءها جثمانه الطاهر في بداية رحلته الأخيرة إلى مثواه الأخير في قصر رغدان العامر كما أوصى رحمه الله عند "أبوه وجده".
بدأت الرحلة الأخيرة من المدينة الطبية الى قصر باب السلام, ومن ثم إلى قصر رغدان العامر في موكب جنائزي مهيب ودع خلاله الأردنيون بين مصدق ومكذب وناحب ومذهول رجلا زرع فيهم الأمل وحقق لهم الأمنيات, بايعوه وافتدوه بدمائهم و أرواحهم لنصف قرن من الزمان.
وهناك, في قصر رغدان, بدأت مراسم الدفن والوداع التاريخية, فيما سمي بعد ذلك بجنازة العصر, وبحضور خمس وخمسون رئيس دولة ورئيس وزراء, وحوالي ثلاثون وفدا ممثلين لدولهم, ففي ذلك اليوم تحديدا, وفي ذلك المكان, لم تكن البروتوكولات حاضرة, ولم تعد الحساسية بين الحاضرين ذات أهمية, فأمام جثمان المغفور له الملك الحسين المعظم وقف أربعة رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية ووقف الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد, ووقف الرئيس الراحل ياسر عرفات, كما وقف الوفد الإسرائيلي, وقد جمع نعش المغفور له خلفه قادة لطالما احترموه وعرفوه سياسي محنك ويحسب له ألف حساب, مشوا خلف جثمان الحسين رغم اختلاف بعضهم بالرأي معه.
وبين تلك المحطات, كان نعش المغفور له يُحمل على أكتاف عدد من كبار ضباط القوات المسلحة الأردنية والذين نالوا شرف مرافقة قائدهم ومليكهم إلى مثواه الأخير, وهم كما هو ظاهر بالصورة, اللواء المرحوم غازي القضاة والعميد الركن المتقاعد محمود القضاة والعميد الركن زياد فؤاد واللواء الركن إبراهيم المغايرة واللواء الركن محمد الرعود والعميد الركن فارس العمري والعميدالركن احمد كريم ابو الغنم.
وفي هذا الصدد، لا ننسى المرافق الشخصي للمغفور له، وقد كان آنذاك العميد الركن حسين هزاع المجالي الذي رافقه في رحيله كما كان في حياته، فقد كان حاضرا مع جلالته في مرضه وكان مرافقا لجثمانه الطاهر الى ان ووري الثرى.
اخيرا، ولربما كان في تولي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حكمة إلهية بتعويض العالم والاردن خسارته لشخصية ابرزت الاردن في واجهة الخارطة السياسية، سيما وانه من نسل الهاشميين، وتسري دماء الحسين في عروقه، اعز الله مليكنا المفدا واعزنا به، ورحم الله ابا عبدالله واسكنه فسيح جناته.