قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز إن خطة ترامب نتنياهو للسلام مرفوضة ولا تشكل نقطة انطلاق لحل القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الأردن قادر على مواجهة هذه الأزمة "لأننا واجهنا أزمات أعقد منها سابقا".
وأضاف الفايز في حوار مع الجزيرة.نت "إنني على يقين تام بأن الأردن في حال تعرضه لأية ضغوطات سيصمد في وجهها، ولم يفقد دوره الجيوسياسي مع هرولة دول عربية للتطبيع مع إسرائيل".
وتاليا نص الحوار:
بعد الإعلان عن خطة السلام الأميركية والرفض الرسمي لها، ما خيارات الأردن للتعامل معها في حال مضت إسرائيل في تنفيذها؟
الموقف الأردني تجاه خطة السلام الأميركية واضح وصريح، ولاءات الملك الثلاث "لا للتوطين.. لا للوطن البديل.. لا للمس بالقدس" هو الرد الحقيقي على كل المشككين بالمواقف الأردنية، والأردن هو الأقرب لفلسطين ونحن شعب واحد، وكلنا أردنيون للأردن وفلسطينيون لفلسطين، ولا يمكن للأردن أن يقبل بأي صفقة لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني.
وثوابت الأردن في القضية الفلسطينية واضحة، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني حق مقدس، وحق الفلسطيني في العودة إلى وطنه وتعويضه أيضا حق مقدس، وقيام دولة فلسطينية في حدود عام 1967 ما يعني انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي التي احتلت عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة.
ولا يمكن للأردن بأي شكل من الأشكال أن يقبل بصفقة القرن، لأنها لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي مع إسرائيل على أساس هذه الصفقة.
هل تمر العلاقات الأردنية الأميركية بأزمة سياسية بسبب ممارسة ضغوط على المملكة لقبول الخطة؟
الأردن دولة قوية بمؤسساتها ولا يمكن أن يفرض علينا حل من الخارج، ونتصرف بما يخدم مصالحنا وأمننا الوطني، ويحب أن نفصل في علاقتنا الثنائية مع الولايات المتحدة الأميركية عن موضوع المساومة الأميركية على القضية المركزية للعرب والمسلمين وهي القضية الفلسطينية.
نحن تربطنا بالولايات المتحدة علاقات إستراتيجية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، وهي أكبر دولة داعمة للأردن، وتعي الولايات المتحدة أن الأردن هو حجز زاوية الاستقرار بالمنطقة، ولا أعتقد أنه سيكون هناك ضغوطات أميركية على الأردن لإضعاف الوضع الجيوسياسي للأردن، لأن استقراره استقرار لدول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها. وصرح الأمين العام لحلف الناتو الذي يضم أميركا قبل أيام بأن استقرار الأردن مهم جدا لاستقرار المنطقة برمتها، ولا يمكن اللعب بمقدرات الأردن أو المس باستقراره.
قد يكون هناك ضغوطات من خلال قنوات دبلوماسية لإقناع الأردن بأن الصفقة بداية جيدة يمكن البناء عليها، لدفع الأردن للقبول بها، لكننا على قناعة تامة بأن هذه الصفقة ليست بداية. وأنا على يقين تام بأن الأردن في حال أي ضغوط سيصمد في وجهها، وقادر على الصمود، وواجهنا تحديات كبيرة على مر التاريخ الأردني، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تفرض حلا يرفضه العالم.
تبدو إسرائيل موحدة في التوجه نحو ضم غور الأردن، ما يعني موت حل الدولتين وحق العودة عمليا.. ما خطورة ذلك على الأردن، وكيف للأردن أن يواجه ذلك شعبيا ورسميا؟
عند توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية حددت نقاط الحدود بيننا وبين إسرائيل في الشمال والجنوب، أما الجسور التي تعبر من فلسطين للأردن وبالعكس، فلم تعتبر نقطة حدود إسرائيلية، ولا نعتبر هذه الأراضي حدود إسرائيل أو نقاطا حدودية إسرائيلية، بل نعتبر هذه الأراضي محتلة من قبل إسرائيل.
وإذا نظرنا لمطلع معاهدة وادي عربة نجد مادة مهمة جدا تنص على أن حل القضية الفلسطينية على أساس قراري الأمم المتحدة 242 و338، ولكن بمجيء نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف ماتت كل فرص السلام، وذلك بسعيهم لضم كافة أراضي الضفة الغربية بما فيها الأغوار، والأردن لا يقبل ولا يعترف بحدود إسرائيلية في مناطق الضفة الغربية، لأنها أراض محتلة، وفي حال أصبحت إسرائيل على حدودنا، فلدى الأردن الكثير من الخيارات للرد على ذلك.
كثيرا ما صوت البرلمان الأردني على قرارات تطالب الحكومة بقطع العلاقات مع إسرائيل، هل بات خيار وضع معاهدة السلام على الطاولة فعليا لا مجرد تلويح مطروح رسميا وشعبيا؟
معاهدة وادي عربة خدمت الأردن والقضية الفلسطينية في عدة مناحٍ، أهمها أن الأردن ثبّت حدوده مع إسرائيل، بالإضافة إلى التنسيق والتعامل مع أشقائنا بالسلطة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، وتقديم المساعدات للمستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة، الذي يتم بالتنسيق مع الإسرائيليين.
ولا يمكن أن يتحمل الأردن عبء القضية الفلسطينية وحده بإلغاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، لأن إلغاء المعاهدة معناه إعلان حالة حرب، وهل يستطيع الأردن أن يلغي المعاهدة دون دعم عربي، إذا توفر دعم عربي وإسلامي عندها يمكن إلغاء المعاهدة. وإلغاء معاهدة وادي عربة حاليا مطلب إسرائيلي، لأن اليمين الإسرائيلي المتطرف الحاكم حاليا في إسرائيل يسعى لإلغاء المعاهدة لأنها باتت تشكل عبئا عليهم.
بعد تقييم الملك عبد الله الثاني العلاقات مع إسرائيل بأنها في أسوأ حالاتها، ما مصير هذه العلاقات، وهل نتجه نحو مزيد من التأزيم؟
العلاقات الأردنية الإسرائيلية في أسوأ أوضاعها، ولا يمكن أن تتحسن إلا إذا تغيرت الممارسات الإسرائيلية، وتوقفت التعديات على المسجد الأقصى والمقدسات المسيحية والإسلامية، وانتهاك الوصاية الهاشمية على القدس، وإسرائيل هي من تتحمل نتائج سوء العلاقات مع الأردن. وإذا استمرت الحكومة الإسرائيلية المقبلة على المنوال ذاته في انتهاك بنود معاهدة وادي عربة، خاصة الوصاية الهاشمية على القدس، فستزداد العلاقات سوءا وتوترا، وقد تقع أمور لا يحمد عقباها.
في ظل خطة السلام الأميركية والضغوط الإسرائيلية الأميركية على السلطة الفلسطينية والأردن للموافقة عليها، ما الدور المطلوب من الأردن وفلسطين لتقوية مواقفهما من صفقة القرن؟
للأسف استمرار حالة الانقسام الفلسطيني، حتى بعد الإعلان عن خطة السلام الأميركية يضعف الموقف الفلسطيني في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية، وحتى اللحظة لا توجد بوادر للمصالحة الفلسطينية الفلسطينية.
ما يهم الأردن الآن وحدة الصف الفلسطيني في الضفة وغزة، والتنسيق الدائم والمستمر مع السلطة الفلسطينية للتصدي بشكل جماعي لصفقة القرن، ودعم عربي وإسلامي قوي، فضلا عن تنسيق دبلوماسي دولي من لدن الملك عبد الله والرئيس الفلسطيني مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لإيجاد مخرج لهذه المعضلة.
إسرائيل تتحدث عن حالة من الهرولة العربية والخليجية وحتى الإسلامية للتطبيع معها، وشاهدنا أخيرا لقاءات والتحضير لاجتماعات عربية إسرائيلية، وهناك من يتذرع بأن هناك تطبيعا أردنيا ومصريا لتبرير هذه الاتصالات وموجة التطبيع.. كيف يؤثر ذلك كله على المملكة والقضية الفلسطينية، وهل تضعف من موقف الأردن حيال خطة السلام الأميركية؟
كثر الحديث في وسائل إعلام مختلفة وعلى منصات التواصل الاجتماعي عن أن الأردن فقد أهميته الإستراتيجية بحكم التواصل بين بعض الدول العربية وإسرائيل، وهنا أطمئن الجميع بأن ذلك لن يؤثر على أهمية الأردن الجيوسياسية في المنطقة. وبخصوص تطبيع العلاقات مع إسرائيل، هناك قرارات من جامعة الدول العربية واتحاد البرلمان العربي بعدم تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والجميع مطالب بالاستجابة لهذه القرارات، خاصة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
تردد أخيرا الحديث عن عزم الأردن إعادة النظر في قرار فك الارتباط بين الضفتين الشرقية والغربية، وسمعنا نفيا واضحا من وزير الخارجية، لكن الحديث ما زال متداولا عن ترتيبات أو ما يشبهها لمنح الجنسية الأردنية للفلسطينيين في الضفة الغربية؟
للأسف الشائعات المشككة بالمواقف الأردنية الثابتة والتاريخية لا تتوقف، وجزء من هذه الشائعات ما أشيع أخيرا حول عزم الأردن إعادة النظر بقرار فك الارتباط بين الضفتين، ومدى دستوريته. ومثل هذه الشائعات يطلقها اليمين الإسرائيلي المتطرف، وللأسف يكررها ويتساوق معها ضعاف النفوس من المشككين بالمواقف الأردنية الثابتة من القضية الفلسطينية، وأول من وقف ضد قرار فك الارتباط في حينه كان الملك حسين بن طلال رحمه الله، حفاظا على القضية الفلسطينية، وبفعل الضغط العربي على الأردن آنذاك وافق الملك حسين على القرار للخروج من دائرة الاتهام بالسيطرة على القرار الفلسطيني.
دستوريا، تجري الانتخابات النيابية في النصف الثاني من العام الجاري، هل ستجري الانتخابات النيابية في هذا العام، خاصة أن هناك من يشكك بإجرائها بسبب الوضع الإقليمي وطرح خطة السلام الأميركية؟
الدستور الأردني واضح فيما يتعلق بالانتخابات النيابية، فقرار حل البرلمان ورحيل الحكومة والدعوة لإجراء انتخابات نيابية جديدة بيد الملك، والدستور يمنح الملك صلاحية التمديد للمجلس الحالي عاما أو عامين إضافيين، وإذا ما تم حل مجلس النواب فيتوجب دستوريا تقديم الحكومة الحالية استقالتها، وتكليف حكومة جديدة تجري الانتخابات النيابية المقبلة، وحتى هذه اللحظة كل ما يقال عن إجراء انتخابات نيابية أو تمديد للمجلس هو تكهنات، وستبقى التكهنات والتحليلات حتى يصدر الملك قراره بشأن البرلمان، بما يضمن مصلحة الوطن.