بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
جاء تأكيد الملك على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها بحضور رؤساء السلطات الثلاث ليضع حداً لكل التكهنات والاشاعات والتسريبات التي حاول البعض من خلالها التاثير على سير العملية الانتخابية في موعدها الدستوري بغية التمديد للمجلس الحالي. الفكرة الاهم والاعمق ان الملك أوضح نهجه السياسي وما يصبو اليه لتقدم الاردن والسير بعملية اصلاح سياسية شاملة في أوراقه النقاشية، ويريد ان نصل الى الحكومة البرلمانية بعد تجذر العمل الحزبي وتصحيح مسارة وتوحيده في ثلاث تيارات "وسط، يمين، يسار"، والاهم وضع قانون انتخاب ملائم لمثل هذا التوجه، كما يريد الملك ان يتوافق عمر الحكومة مع عمر المجلس وان نتخلص من كثرة التعديلات والتغييرات الحكومية ، حتى يتم إرساء تقاليد وإطر لعمل سياسي مستقر بعيداً عن الاستفزاز والاشاعات، حتى تكون الحكومة والسلطة التشريعية قادرتين على أداء مهامهم بكل مرونة وتطبيق مبدأ " الفصل المرن بين السلطات فلا تتغول احداهما على الاخرى". لكن يبدو ان الثقافة السائدة التي ساهمت بإرسائها التقاليد والعادات والاعراف إضافة الى السياسات الحكومية أضعفت ,وقللت من فرص ايجاد برلمان واعٍ للتحديات يعمل من أجل المصالح العليا لا ينافق البعض فيه ولا يمارسون التقية السياسية من أجل تحسين موقع او موقف أو كسب تأييد على حساب الوطن، وايضا ان لايكون النائب مصدرا للاشاعة وترويجها وتهييج الشارع، مما افقد الحكومة قدرتها على اتخاذ القرار القوي والصريح واصبحت مترددة تائهة تعلن وتتراجع وهيمن عليها القلق وقلة الانجاز. إن حسم الملك الجدل الدائر حول إجراء الانتخابات، يجعل كل فرد من افراد الوطن مسؤول امام ضميره من أجل إنجاح العملية النيابية بأختياره الافضل والاقدر على التعاطي مع القرارات والتشريعات وممارسة دوره الرقابي على قاعدة الفهم والوعي والموازنة بين سلوكاته وتصريحاته وأدائه البرلماني، والابتعاد عن الشعبوية والاستعراضات الفارغة من أي معنى. وعلى الرغم من قناعتي بأن الخيارات لن تتغير كثيرا وسيكون المال السياسي حاضرا بقوة في الانتخابات القادمة، لكن ما يعنيني حقيقة هو السير قدما نحو تعزيز الوجود المؤسسي لهياكل الدولة واحترام هذا الوجود وربط فكر الشعب بأهمية السلطة التشريعية في حياة الدولة حتى نؤسس لمستقبل اكثر وعيا بدور النائب واختياره كنائب تشريع وليس نائب خدمات. ما زلت أرى ان المؤسسات الرسمية اخفقت في التقاط الرسائل الملكية الواردة في الاوراق النقاشية حول العملية السياسية برمتها وصولا للحكومة البرلمانية، وبغض النظر عن اي سلبيات او تعليقات تصدر هنا أو هناك سيبقى الاردن واحة الامن والاستقرار رغم أنف المشككين، وان المستقبل مبشر بإذن الله للنهوض بالوطن وتعزيز ديمقراطيته، والاهتمام بإنسانه ليكون محور العملية السياسية والتنموية على قاعدة تحقيق العدالة الاجتماعية وسيادة القانون على الجميع.