ذات حب اجتمعتا… .الام والكرامة، ليس عبثا تزامنت المناسبتان لدى الاردنيين، الكرامة المعركة والكرامة الصفة هما سر حياتنا وسر اوطاننا، فلا كرامة بدون وطن ولا وطن بدون كرامة… اما الام فهي وطننا الرحب في وطننا الارحب….الاردن، بلد القابضين على الجمر من اجل عيونه وكل حبة تراب من أرضه.
حين اكتب عن الكرامة في زمن الردة والخيبات، يصبح للكلام شجون… فنحن امة تحتفل بالكرامة لانها عنوان عزة… ذات يوم قبل إثنين وخمسين عاما… فجر يوم 21/آذار/1968…قرر العدو وبعنجهيته وغطرسته، ان يغزو ارضنا…واختار جسر الكرامة في بلدة الكرامةليحتل ما استطاع منها، دارت المعركة… واستبسل جنودنا الأبطال رغم محدودية السلاح، وسجلوا نصرا تاريخيا دون سفراً في صحائف المجد و الفخار، نستذكره لنشحذ الهمم ونعيد الحياة لأمتنا، باننا قادرون على الفعل عند نداء الوطن.
اما الام فهي ايقونة الحياة، الحضن الدافئ عندما تدلهم الخطوب، هي الصدر الحاني عندما نفقد كل العابرين… هي امي الثمانينية وامهاتكم… تقف بشموخ رغم السنين، ورغم ايام مضت كانت صعبة، وكانت الحياة بدائية، وكانت الام كل شيء ، كانت تصحوا صباحا لتصلي ثم توقظ ابنائها، وتجهز للجميع الإفطار او الزواده لمن يذهب للارض او يرعى الماشية او من يذهب الى المدرسة، كانت تعجن العجين وتخبزه في فرن الطابون او على الصاج، كانت تنظف البيت بكل ما فيه وصولا للحاره، كانت تربي اطفالها وترضعهم وتغذيهم وتعتني بهم، كانت تطبخ وتغسل وتخيط الثياب، وتجمع الحطب، كانت تشارك الرجل بكل اعمال الزراعه، الحراثة، الزراعة، التعشيب، القنابه وجني المحصول، الحصيد ،الدراسه، التغمير، الجواله، كانت تنحت الصخر من اجل لقمة العيش، كانت تحرم نفسها من كل طيب من اجل ابنائها، كانت تقبل بالقليل، ولا تشكو لاحد،كانت تساعد الآخرين… كانت وكانت… نعم امي وكل الاردنيات لباسات الشرش والحطه والشنبر، الجيل الذي صنع الرجال، الجيل الذي بنى الاردن، كنَّ اميات لم ينلن نصيبا من العلم، لكن كان تعليم الابناء اولوية مقدسة لديهن، جيل امهاتنا جيل الطهر، والبساطة، والعفوية، جيل فعل المستحيل وسطر المعجزات من لا شيء.
في عيد الام اقول لامي ولكل امهاتنا… .مقصرون مهما فعلنا من اجلكن… الدَين في رقابنا لكن كبير… ولكن تأبين ان تشعرننا بذلك… تحملن شموخ جبال عجلون والبلقاء والكرك… تزينكن عزة النفس...نصغر امام جلال ومهابة قدركن… واقول لمن فارقن هذه الدنيا من امهاتنا… لارواحكن الرحمة والسلام...وجنات النعيم.
اما الشجون ...فكثيرة ولكن ما يخص الحرائر الاردنيات امهاتنا واخواتنا، فالاحوال الاقتصادية والاجتماعية تمسهن اولا، فهن خط الدفاع الاول في مجتمعنا وهن اول المعاناة واخرها، ادعوا كل فاسد وكل من سرق من اموال الوطن وساهم في شقاء امهاتنا واجيالنا، اعيدوا ما نهبتم، او لتقدمهم الولاية العامه للقضاء، من حق امهاتنا ان يفرحن في حياتهن، وان يعشن لحظة فرح، من حقهن ان يعشن يوما اوساعات دون ان يحملن الم وشقاء وعوز ابنائهن، ووجع الوطن..انصفوهن قبل ان يفارقننا… مثلهن من يستحق… ونحن نحن سنبقى نبحث عن لحظة رضا، ودفقة حنان، وومضة صفاء، من بحر عطائهن الذي لا ينضب… حمى الله الاردن.