الحاج أحمد نزال العرموطي يتحدث عن عمان – أيام زمان
لم يكن بعمان غش ونصب.
ولم يعرف أهل عمان الكمبيالات إلا فيما بعد.
كان التعليم قوياً والمعلم يتمتع بمركز اجتماعي مرموق وله هيبة.
مضافة نزال العرموطي كانت إحدى معالم عمان وكان يلتقي بها وجهاء عمان وعشائر البلقاء ورجالات الأردن.
أتذكر الشهيد هزاع المجالي عندما كان رئيساً لبلدية عمان وقد قام بتعييني في البلدية.
ومن أجل تدوين تاريخ عمان الحديث ومن أجل تدوين الذاكرة الشفوية وحمايتها من الاندثار، كان لا بد لنا من الالتقاء بأبناء عمان الذين أحبوها وعاشوا وترعرعوا فيها ولهم في جبالها الشامخة الكثير من الذكريات الحلوة.
زرنا الحاج أحمد نزال العرموطي (أبو ممدوح) في منزله في حي الخرابشة بضاحية الرشيد بعمان فاستعاد أبو ممدوح شريط الذكريات وصور لنا بعدسته الخاصة عمان، أيام زمان – وتندر على تلك الأيام الحلوة التي يعتبرها خيراً وبركة فقال أبو ممدوح :
الأسم: أحمد نزال أحمد العرموطي.
مواليد منجا – مأدبا عام 1925م.
درس عند الكتاب بمنجا ويتذكر اسم المعلم (محمد عبد الجواد) مصري، ومن زملاء الدراسة بالكتاب: محمد نزال العرموطي وسليمان نزال العرموطي وضيف الله الزواهرة، ومنصور الزواهرة، حجاب الكنيعان الفايز ومشاري الكنيعان الفايز وبرنس عضوب الزبن، ونايف الشاهر الفايز، ونايل الشاهر الفايز وممدوح ظاهر الذياب الفايز ويقول أبو ممدوح كنا ندرس بجامع منجا.
وبعد ذلك ذهبت إلى مأدبا حيث درست بمدرسة مأدبا الابتدائية في الصف الأول الابتدائي وكان شقيقي محمد نزال العرموطي في الصف الثاني الابتدائي، وقد استأجرنا دار (فرحان العزارة الكرادشة) وأخوه بمأدبا، وسكنت والدتي معنا في البيت كي ترعانا.
أتذكر من زملاء الدراسة بمأدبا: د. فواز أبو الغنم، شفيق جميعان، إميل جميعان.
ثم رحلنا إلى عمان والتحقت بمدرسة العبدلية وكانت بشارع خرفان في جبل عمان والبناية ملك لعائلة خرفان، وبقيت في هذه المدرسة حتى الصف الثالث ابتدائي وأتذكر من زملاء الدراسة: عكاش الزبن، عاكف الفايز، نواش مثقال الفايز، محمد سعيد حمدي الأنيس، سيف الدين عثمان، سيف الدين حميد، جميل نظيف الترك، عبد الرحمن أزمقنا.
وأتذكر من الأساتذة: بشير خير، وسعيد الخطيب، ومدير المدرسة سليمان العطور.
بعد أن أنهيت الصف الثالث ابتدائي انتقلت إلى المدرسة العسبلية عند مدرج فرعون (المدرج الروماني) وبقيت بهذه المدرسة حتى الصف السابع ابتدائي وأتذكر من زملاء الدراسة: صلاح الحلواني، إحسان الحلواني، وعيسى سماوي، ومن الأساتذة أتذكر كاظم الخالدي، عبد المنعم الرفاعي، حسيب الخطيب، ومدير المدرسة: حمد الفرحان، كنا (آنذاك) نسكن في جبل نزال وكنا نذهب مشياً على الأقدام إلى المدرسة وكنا نعود إلى المنزل في فترة الظهيرة لتناول طعام الغداء ثم نعود ثانية إلى المدرسة لاستئناف الدراسة!! وأحياناً كنا ندعى لتناول طعام الغداء عند زميلنا المرحوم هاني خير لأن منزله كان قريباً من المدرسة بحي الشابسوغ.
ذكريات مع الملك المؤسس:
كانت بجانب المدرسة العسبلية الديوان الأميري – للملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين (طيب الله ثراه) حيث كان يتخذه مقراً له وأتذكر بأن جلالته كان يأتي إلى ديوانه بدون حرس سوى سائقه الخاص وأتذكر بأنني لما كنت طالباً بالمدرسة العسبلية عندما أشاهد سيارة جلالة الملك قادمة إلى ساحة المدرسة (يومياً) كنت أركض إلى سيارته أفتح باب سيارة جلالته وأتشرف بالسلام عليه وكان يقول لي: "عفيه عليك، عفارم عليك".. وكان جلالته يدخل إلى داخل صفنا وكان يقول لي: "اطلع يا ولدي على اللوح" وكان يسألني أسئلة ويقول لي "هل تعرف ترسم؟.. أرسم الكتاب... أرسم كذا..".
وكان يسألني أسئلة بسيطة في القواعد والدين والحساب واللغة العربية.
أتذكر في يوم من الأيام بأن جلالته جاء بسيارته إلى ساحة المدرسة فركضت إلى سيارة جلالته فنظرت إلى داخل السيارة وإذا بداخل السيارة ضبع مربوط بجنزير فقال لي جلالة الملك الشهيد: "أذهب يا ولدي وأحضر إخوانك حتى يشاهدوا الضبع!!".
المعلم – أيام زمان:
كان التعليم قوياً جداً – أيام زمان – والأستاذ كان له هيبة، ويتمتع بمركز اجتماعي مرموق، وكنا نحسب للمعلم ألف حساب!!
إنهاء الدراسة بالمدرسة العسبلية:
بعد الصف السادس ابتدائي أكملت دراستي بالمدرسة العسبلية حتى الصف الأول ثانوي علماً بأن المدارس بعمان كان يستمر بها التدريس حتى الصف الثاني ثانوي.. وأتذكر من زملاء الدراسة في نهاية الصفوف الدراسية هاني خير، نجيب عمران المعايطة، وإبراهيم خلف.
الحياة العملية:
بعد أن أنهيت الدراسة بدأت بالإشراف على أعمال والدي الحاج نزال العرموطي، وقد قام المرحوم رجب خشمان بتأسيس شركة أتحاد الباصات وأصبحت رئيساً لديوان الشركة.
جبل نزال:
أتذكر جبل نزال ومحيط الجبل بأنه كان (خرابة) فالبناء كان فقط حتى رأس العين إلى عند المدرسة العباسية وشركة الكهرباء وحوش العقيلات فلم تتوفر (آنذاك) الشوارع ولا الخدمات.
وقد سمي جبل نزال على اسم والدي المرحوم الحاج نزال العرموطي لأنه كان يملك هذا الجبل، وأول دار بجبل نزال هي دار والدي وكان بجانبها مضافة الحاج نزال العرموطي، وأذكر بأن الطريق كانت ترابية وتذهب إلى ناعور وفيما بعد قامت البلدية بتوسيع الطريق وتم تعبيدها.. قام والدي بفتح الشارع إلى جبل نزال على حسابه الخاص وكذلك قام بسحب الكهرباء على حسابه وتم إيصالها لجبل نزال، ولذلك قام والدي بتوفير الخدمات الأساسية في جبل نزال وهي: الشارع، الماء، والكهرباء ومن هنا بدأت قصة تعمير واتساع جبل نزال، وفي البداية كنا نحن العرامطة (آل العرموطي) والعقاربة (آل العقرباوي) في الجبل وقد أعطى والدي الرجال الذين يعملون معه أراضي كي يعمروا عليها دورا لهم.
المقبرة القديمة:
أتذكر المقبرة القديمة كانت في منطقة رأس العين في نفس موقع أمانة عمان (الآن) وكان مدفون بها المرحوم الشيخ منور الحديد وغيره من وجهاء عمان وعشائر البلقاء.
تأسيس شركة الكهرباء الأردنية:
كانت عمان – أيام زمان – تضاء بواسطة (اللوكسات) بالليل إلى أن قام المرحوم الحاج محمد علي بدير بتأسيس شركة الكهرباء الأردنية علماً بأن الأرض التي أقيمت عليها شركة الكهرباء برأس العين كانت ملكاً لوالدي الحاج نزال العرموطي (رحمه الله) وقد باع والدي شركة الكهرباء الأرض بسعر رمزي.
المدرسة العباسية:
قام والدي ببناء المدرسة العباسية في رأس العين وقامت وزارة التربية بأستئجار المدرسة التي تخرج منها العديد من رجالات الأردن.
مضافة الحاج نزال العرموطي:
قام والدي ببناء مضافته بجانب منزله في جبل نزال.. وكانت تفتح أبوابها يومياً. وكانت الضيافة الشاي والقهوة والطعام (المناسف) وفي رمضان كانت تقام مآدب الإفطار.. وأحياناً كان ينام بالمضافة الضيوف.. كان يتردد على مضافة نزال العرموطي إضافة إلى وجهاء عمان وعشائر البلقاء زوار وضيوف من مختلف القرى والمدن الأردنية.
وأتذكر عدداً من الوجهاء الذين كانوا يترددون على مضافة والدي منهم: الشيخ فهد الكنيعان الفايز، الشيخ زعل الكنيعان الفايز، هاشم باشا خير، بشير خير، ممدوح سعيد خير، الشريف حسين بن ناصر، الشيخ مثقال الفايز، الشيخ عاكف الفايز، حسين أبو الراغب، الشهيد هزاع المجالي، اللواء حكمت مهيار، رجب خشمان، الشيخ محمد المنور الحديد، سعيد باشا المفتي، الشيخ موسى النهار المناصير، علي ازمقنا، وفالح سويلم الدبوبي، صالح العبادي، الشيخ إبراهيم الراشد الحنيطي، الشيخ فلاح العابد الدعجة، وغيرهم.
كانت مضافة والدي ملتقى لرجالات عمان وعشائر البلقاء ورجالات المملكة وعشائرها وكانت تحل بها القضايا العشائرية وتجري بداخلها الصلحات والعطوات.. وأثناء الانتخابات البلدية وانتخابات مجلس النواب كانت مضافة والدي تعج بالناس والمرشحين الذين كانوا يطلبون الدعم والتأييد أثناء الانتخابات.
لقد كانت مضافة الحاج نزال العرموطي إحدى معالم عمان البارزة.
الشهيد هزاع المجالي – رئيس بلدية عمان:
كان الشهيد هزاع المجالي يتردد كثيراً على مضافة والدي الحاج نزال العرموطي وأتذكر – أيام زمان – عندما كنت أمشي في شارع الملك طلال فشاهدت أمامي دولة المرحوم الشهيد هزاع المجالي (أبو أمجد) وكان بجانبه المرحوم معالي أحمد الطراونة (أبو هشام) وسماحة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي.. فسألني هزاع المجالي وقال: "إلى أين سوف تذهب يا أحمد الآن؟".
فقلت له "سوف أذهب إلى مكان قريب من هنا".
فقال لي هزاع المجالي "يا أحمد أنا (مش) هزاع المجالي أنا أخوك محمد نزال!! وإذا لازمك أي شيء فإن مكتبي قريب من هنا في بلدية عمان.. لأنني مثل أخوك!!" وكان هزاع المجالي (آنذاك) رئيساً لبلدية عمان.. وقال لي "سوف أصدر قرار بتعيينك في بلدية عمان" وفعلاً ذهبت في اليوم التالي إلى رئيس بلدية عمان (هزاع المجالي) وتم تعييني في البلدية.
سيل عمان:
كان سيل عمان قوياً أشبه بنهر – أيام زمان- وكان لا يوجد طريق اسفلت بجانبه ولا يوجد جسر يربط طرفي السيل.. وفي الشتاء عندما كان يحد السيل كان يفيض وكان قوياً فلا أحد يستطيع أن يقطع السيل ولم نكن نستطيع الذهاب إلى المدرسة وكان السيل عندما يفيض يجرف الناس أثناء الفيضان!! وكانت تعيش الأسماك بالسيل وكان الأطفال بالمهاجرين يصطادون الأسماك من مياهه.. وكانت تمتد على جوانب السيل في منطقة المهاجرين وحتى المحطة مزارع الخضار الجميلة وكان يسكن الشركس بجانب السيل في منطقة المهاجرين.
الباصات بعمان – أيام زمان:
كان بعمان – أيام زمان – عدد قليل من شركات الباصات وهي شركة لرجب الخشمان، وشركة لجميل الصالح، وشركة لحسين أبو الراغب.
شارع الملك طلال:
كان هذا الشارع ترابياً وأتذكر من تجار شاع الملك طلال القدماء: إبراهيم وحمدي منكو، وديرانية، والمعلبكي، وأبو صلاح الشربجي، وجميل الصفدي، وصبري الطباع، وعصفور وأتذكر من تجار السلاح: محمود عبد الهادي أبو مطر، ومحمد السبع، وآل الطيب.
موسى ارشيد الطيب:
أتذكر المرحوم موسى ارشيد الطيب وهو والد الفريق المتقاعد غازي باشا الطيب الذي كان يسكن بجانب سيل عمان وكان صديقاً حميماً لوالدي المرحوم الحاج نزال العرموطي.
عمان (زمان) وعمان (الآن)!!
يقول أبو ممدوح: (ايام زمان) كانت الناس بعمان كلها تعرف بعض وأتذكر بأن أصحاب الدكاكين كانوا يضعون فراش بجانب الدكان على الرصيف ومنقل ونار ودلال وكانوا يقدمون الضيافة للناس!! وإذا جاء صديق كان يجلس معهم على الفراش!!
(البيع والوزن) الناس بعمان عرفوها فيما بعد!!
زمان لم يكن هناك بعمان بيع لبن وحليب بل كان يوزع على الناس وإذا كان يوجد شخص لا يملك الغنم يعطوه (المنائح)-5-6 روس غنم مثلاً حتى يحلبها ويستفيد منها، وكانت الحياة فيها بركة، والجار يعطف ويتفقد جاره، والأقارب يزورون بعضهم البعض ولم يكن بعمان غش ونصب واحتيال!!
ولم يكن أهل عمان يعرفون الكمبيالات والشيكات بل عرفوها فيما بعد؟! عمان الآن هي شيء لا يصدق إذا نظرنا إلى النهضة العمرانية والبنايات الكبيرة والشوارع، بعمان كانت قرية كبيرة، وأتذكر (زمان) شارع السعادة عندما كان واديا وعندما يسقط الشتاء بغزارة كانت الدكاكين تمتلىء بالماء فيقطع الناس من جهة إلى أخرى بسبب دفق المياه بهذا الشارع!!