هل ينتقل فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض "كوفيد-19" عبر العملات الورقية؟ وهل يمكن تعقيم هذه العملات؟ وهل حذرت منظمة الصحة العالمية من استعمال العملات الورقية بسبب المخاوف من نشر الفيروس؟ وهل يمكن تعقيم النقود من كورونا عبر وضعها في المايكرويف؟
هناك فيديوهات منتشرة عن هذا الموضوع وتحذيرات، فما هي الحقيقة؟
القصة المحرفة
دعنا نتعرف في البداية على القصة المحرفة، حدث الأمر في بدايات مارس/آذار الماضي، حيث قالت وسائل إعلامية بريطانية إن "منظمة الصحة العالمية قالت إن الأوراق النقدية تنقل فيروس كورونا المستجد، وإنها تحذر الناس من استخدامها"، ولكن هذه ليست الحقيقة.
الذي حدث أن مقالة في صحيفة "ديلي تلغراف" نقلت عن المتحدث باسم منظمة الصحة قوله ردا على سؤال عما إذا كان يمكن للأوراق النقدية أن تنشر فيروس كورونا "نعم هذا ممكن، وهو سؤال جيد.. إننا نعلم أن المال يتنقل باستمرار بين الأيدي ويمكنه التقاط جميع أنواع البكتيريا والفيروسات.. عندما يكون ذلك ممكنا، من الجيد استخدام مدفوعات غير تلامسية".
وفيروس كورونا قد يكون موجودا على البطاقات الائتمانية البلاستيكية، إذ أظهرت دراسة أنه يمكن أن يعيش ما يصل إلى يوم واحد على الورق المقوى وثلاثة أيام على البلاستيك.
لاحقا، تم تضخيم هذه التصريحات، مما استدعى ردودا من منظمة الصحة لعدة وسائل إعلامية، فمثلا قالت المتحدثة باسم المنظمة فضيلة شايب لموقع "ماركت ووتش" في رسالة بالبريد الإلكتروني "لم نقل إن النقود كانت تنقل فيروسات كورونا"، وأضافت "لقد تم تحريف كلامنا".
وقالت فضيلة "لم تقل منظمة الصحة العالمية إن الأوراق النقدية ستنقل كوفيد-19، ولم نصدر أي تحذيرات أو بيانات حول هذا الأمر.. لقد سُئلنا عما إذا كنا نعتقد أن الأوراق النقدية يمكنها نقل كوفيد-19 وقلنا إنه يجب عليك غسل يديك بعد التعامل مع الأموال، خاصة في حالة التعامل مع الطعام أو تحضيره أو تناوله". وأضافت أن القيام بذلك "ممارسة صحية جيدة".
إجراءات
فعليا، تصاعدت المخاوف بشأن دور العملة الورقية في نشر فيروس كورونا، وقال متحدث باسم مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي لوكالة رويترز في مارس/آذار الماضي إن النظام المصرفي بدأ في الحجر الصحي على الدولارات من آسيا قبل إعادة تدويرها، حيث عزلت بنوك الاحتياطي الاتحادي الإقليمية العملة الورقية لمدة 7 إلى 10 أيام كخطوة احترازية.
في فبراير/شباط الماضي، بدأت كل من الصين وكوريا الجنوبية في تطهير وعزل الأوراق النقدية المستعملة، حيث تم استخدام الأشعة فوق البنفسجية أو درجات الحرارة العالية لتعقيم العملات، ثم تخزينها لمدة 14 يوما قبل إعادتها إلى السوق.
وأصدر البنك المركزي الصيني أربعة مليارات يوان من العملة الجديدة لإقليم هوبي، بؤرة تفشي كورونا.
ووفقا لتحليل لـ22 دراسة سابقة عن فيروسات مماثلة، يُقدر أن الفيروسات التاجية –التي منها سارس وكورونا المستجد- يمكن أن تظل معدية على الأسطح الجامدة لمدة تصل إلى تسعة أيام في درجة حرارة الغرفة.
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنه يمكن أن يصاب الأشخاص بعدوى مرض "كوفيد-19" عن طريق أشخاص مصابين بالفيروس. ويمكن للمرض أن ينتقل من شخص إلى شخص عن طريق القُطيرات الصغيرة التي تتناثر من الأنف أو الفم عندما يسعل الشخص المصاب بالمرض أو يعطس.
لا يخترق الجلد
ويقول أستاذ الطب المساعد في كلية جورج واشنطن للطب والعلوم الصحية مايكل نايت في تصريح لقناة "سي.أن.بي.سي" إن فيروس كورونا لا يخترق الجلد، ولكن تحدث الإصابة عندما تنتقل الفيروسات من يديك إلى الفم أو الأنف أو العينين.
ويؤكد نايت أنه حتى لو كنت تستعمل طريقة دفع غير تلامسية، ولكنك لا تغسل يديك بعد لمس الهاتف أو بطاقة الائتمان أو محطة الدفع، فأنت ستكون معرضا للإصابة المحتملة بكورونا.
لذلك فإن أفضل إجراء يمكنك اتخاذه لمنع انتشار الجراثيم هو غسل اليدين. ويقول نايت إنه إذا كانت وظيفتك تتطلب منك التعامل مع المال (أو أي سطح آخر محتمل التلوث)، فمن المهم أن تكون مجتهدا في غسل يديك وأن لا تلمس وجهك.
كما يجب عليك غسل يديك بالصابون والماء لمدة 20 ثانية على الأقل بعد الذهاب إلى الحمام، وقبل تناول الطعام وبعد العطس أو السعال.
ويقترح مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أميركا أن تقوم أيضا بتنظيف وتعقيم أي شيء آخر تميل إلى لمسه كثيرا باستخدام رذاذ التنظيف العادي أو المسح.
مع ذلك يلفت أستاذ علم الأحياء الدقيقة في كلية مجتمع مقاطعة لورين الأميركية الدكتور هاري كيستلر، إنه يمكنك تنظيف البلاستيك (البطاقات) لكن ليس من السهل تنظيف العملة الورقية، إذ يمكن تعقيم البلاستيك بسهولة باستخدام مطهر أو عبر مسحه.
ماذا عن المايكرويف؟
هذا ما حاولته امرأة في منتصف العمر من مقاطعة جيانغسو، حيث وضعت أوراقا نقدية بقيمة 3125 يوانا (449 دولارا) في المايكرويف. وبحسب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، بدأت رائحة الحريق تخرج من المايكرويف بعد أقل من دقيقة، وحاولت المرأة إنقاذ الأوراق النقدية ولكن فات الأوان، فقد احترق معظمها.
وفي حالة يأس، أحضرت المرأة بقايا الأوراق النقدية المتفحمة إلى مصرفها المحلي للمساعدة عبر استبدالها، وكان على موظفي البنك عد النقود -أو ما تبقى منها- وتوثيقها يدويا، ولحسن الحظ حصلت المرأة على كامل المبلغ من البنك.
لذلك لا تضع الأوراق النقدية في المايكرويف لتعقيمها إلا إذا كنت تريد حرقها، فالمايكرويف سيحرق النقود، وقد يؤدي إلى حدوث حريق في المنزل.
الخلاصة
لم تصدر منظمة الصحة العالمية تحذيرا رسميا من أن فيروس كورونا ينتقل عن طريق العملات الورقية.
توصي منظمة الصحة الناس بغسل أيديهم بعد التعامل مع الأموال الورقية، خاصة في حالة التعامل مع الطعام أو تحضيره أو تناوله، لكنها لم تصدر تحذيرا بشأن استخدام الأوراق النقدية.
احتفظ بمسافة لا تقل عن متر واحد (3 أقدام) بينك وبين أي شخص يسعل أو يعطس.
تجنب لمس عينيك وأنفك وفمك، وخاصة بعد استعمال النقود الورقية أو بطاقة الدفع أو الهاتف.
تأكد من اتباعك أنت والمحيطون بك لممارسات النظافة التنفسية الجيدة، ويعني ذلك أن تغطي فمك وأنفك بكوعك المثني أو بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل المستعمل فورا.
إذا كنت تعتقد أن سطحا ما قد يكون ملوثا، نظفه بمطهر عادي لقتل الفيروس وحماية نفسك والآخرين، ونظف يديك بفركهما بمطهر كحولي أو بغسلهما بالماء والصابون، وتجنب لمس عينيك أو فمك أو أنفك.