(5873) الرقيب الشهيد سند ناصر سليمان أخو صحينة الهقيش بني صخر الكتيبة الثالثة ، مكان الاستشهاد في منطقة الشيخ جراح في القدس.
أستمرت معركة الشيخ جراح عدة أيام متتالية، بعد معارك اللطرون وغيرها بإيام إستبسل فيها الجيش الأردني في الدفاع عن فلسطين وتحديدا القدس، وهم على قناعة بإن سقوط القدس يعني انتهاء الحرب والهزيمة، ولكن بقدرة الله ثم شجاعة الجيش الأردني جاء النصر ، وتم تحرير القدس واستسلام اليهود، الذين تم نقل جزء كبير من الأسرى الى منطقة أم الجمال في المفرق، وفي مقدمة الأسرى أرئيل شارون وقد خسر العدو أنذاك عددا كبيرا من القتلى ناهز الإلفي قتيل .
كان الشهيد سند أخو صحينة على مرتفع جبلي، وكان تبادل إطلاق النيران المدفعية والرشاشة ليل نهار في ذروته ما بين الجيش الأردني والعدو، وبحسب شهود عيان أن الشهيد سند أخو صحينة قد أوقع ما يزيد عن احد عشر قتيلا من العدو، فقد عرف عنه مهارته القتالية وخبرته العسكرية ، ورغم محاولات العدو في الوصول الى هذا المرتفع الجبلي والسيطرة عليه لطبيعته الجغرافية، إلا أن جميع محاولاتهم فشلت بسب النيران التي كانت تأتيهم من أعلى المرتفع الجبلي، وقد ظنوا أن مجموعات عسكرية أردنية تسيطر على أعلى الجبل، إلا أن بعد ثلاثة أيام متتالية من القتال الشرس، إستطاع العدو النيل من الرقيب سند أخو صحينة من قبل القناصة، وكانت المفاجأة أن من كان يحمي المرتفع الجبلي وكبد العدو قتلى كان شخص واحد هو أخو صحينة .
مع إستمرار المعركة و وجود القناصين من جيش العدو في العمارات والمناطق المجاورة في الشيخ جراح والمناطق المحيطة، بقيت جثة الشهيد سند أخو صحينة يومين في الأرض لا يستطيع أحد الأقتراب منها، بسبب القناصين وضراوة المعركة وتبادل النيران الثقيلة والخفيفة بين الطرفين ، ويقول المرحوم علي دهنان الدهام الجبور وهو أحد الجنود في الكتيبة الثالثة، انه علم من أحد رفاقه أن جثة الشهيد سند من يومين بقيت في الأرض ولا يوجد من يستطيع إحضارها او دفنها، فقال المرحوم علي دهنان مخاطبا زملاء له "علي الطلاق غير أجيبه ولو كلفتني حياتي" فانطلق الجبور و الرصاص يلاحقه من كل صوب وحدب، وفي كل لحظة كان يتوقع انه سيصاب لا مجالة، حتى وصل الى جثة الشهيد أخو صحينة وحملها على كتفه، وكان يقول "توقعت الاقي جثة ولها رائحة كريهة وتغيرت معالمها لكن ما وجدته أن سند كما هو ورائحة عطره المعتاد كما هي " وعاد به إلى الرفاق في منطق الشيخ جراح، وتم حفر خندق ليصار الى دفن الشهيد سند أخو صحينة وبعدها بأيام أنتهت الحرب في القدس ،وتم تحرير القدس وفرض السيادة عليها في أشرس المعارك التي شهد لها الجميع، وبعد أن خسر العدو أعداد كبيرة من مقاتليه ووقوع عدد أكبر في الأسر، تم دفن جثامين الشهداء الأردنيين في القدس في عدة مناطق كان قد وقع فيها القتال، وأنتشر خبر إستشهاد سند أخو صحينة بين الجيش الأردني لما عرف عنه من تميز وروح قتالية وشجاعة ، وقال أحد رفاقه الجنود ناعيا له ومخبرا عن إستشهاده أبياتا شعرية قال فيها :
سند دفناه يا أبو سعود
جاه المقدر ولا جانا
أخو صحينه عريب الجدود
نال الشهادة وخلانا
فعله مبين وعليه شهود
ما يوم شفناه باتلانا
بنحره ينطح البارود
وعلى المعادين ينخانا
عساه بجنة المعبود
قدامنا ويتحرانا
مرت تسعة سنوات بعد ذلك، واثناء عملية حفر الخنادق في منطقة الشيخ جراح، تم العثور على جثة الشهيد سند ناصر أخو صحينة كما هي، حيث أن جثته لم تتحلل، وبحسب شهود العيان أن في الجثة صفار خفيف وكأنه أثر تعب، ولكن كل من يعرف الشهيد يعي انه كما هو لم يتغير ولم يطرأ على جثته شيئا، ومن ضمن الشهود ضباط أردنيين فيما بعد كانوا زملاء للشهيد سند ومنهم المرحوم فهد مقبول الغبين، وعندها رفض أهالي منطقة الشيخ جراح نقل الشهيد من المنطقة الى أخرى ، وما زال قبر الشهيد سند ناصر سليمان أخو صحينة الهقيش بني صخر موجودا، حيث دفن في المنطقة الغربية الجنوبية من حي الشيخ جراح في القدس، وجرت له مراسم خاصة بمشاركة ضباط وجنود وأهالي القدس ومنطقة الشيخ جراح، وقبره اليوم برعاية مباشرة من عائلة الخطيب الذي يوجد على أراضيهم، وكلما أشرقت شمس الصباح على منطقة الشيخ جرح أشرقت على قبر الشهيد سند أخو صحينة ، لتروي مع أشعة الشمس كل صباح ، حكايات وبطولات جيشنا العربي الأردني .