انضمام الامير حسين المبكر لمؤسسة الحكم بصفته وليا للعهد، يستحق كل الترحيب والمساندة والمتابعه من قبل الشعب الاردني. الامير الشاب يمثل ينبوعا جديدا متدفقا، عذبا ونقيا يرفد نهر ابيه، ويخفف عنه اعباء المسؤولية بعد ما بدى من تراخي اكتاف العديد من المسؤولين عن تحمل اعباء المسؤولية المنوطة بهم، رغم أن الملك لم يتوقف عن محاولة بعث النشاط والحيوية في اجهزة الحكومة لتكون في مستوى طموحات المواطنين.
في ضوء الفجوة بين طموحات الملك واداء الحكومات، تكررت نداءات الملك خلال السنوات الاخيرة لشباب الاردن للخروج من شرانقهم والعودة من غربتهم التفاعلية مع هموم الوطن وشؤونه. للاسف لم يلتقط الشباب الفرص التي عرضها الملك بما تستحقه من لهفة وحماسة وشجاعه. فقد اعتاد الشباب على التهميش الذي اختارته لهم الاسرة والعشيرة والمعلم ومناهج التدريس. وظل منغمسا في عالم عٍشرتهِ الضيقة المدى والافق والطموحات.
الامير حسين قرر أن يكون المبادر الاول للتجاوب مع نداءات والده الملك، وليكون مثلا يقتدي به ابناء جيله، وأن يكون ساعد والده الايمن. ليس هذا فحسب، فقد اخذ على عاتقه ملفا من اخطر واعقد الملفات . الملف الذي اصرت الحكومات المتعاقبة أن تحيله الى رماد لتذروه الرياح. لكن النيران التي تحت الرماد ظلت دون توقف تتلظى بغيظ، وزادها تطاير الرماد التهابا. هذا الملف هو ملف الفساد.
لقد اقترب الامير حسين من ملفات الفساد بشجاعة رجل الاطفاء المتمرس والخبير بثقافة النيران، محتاطا، متأهبا، مستعدا، متحصنا، ومقداما. باقتراب الامير حسين من نيران الفساد، إقترب من قلوب الاردنيين أكثر، بدون زفة المنافقين والمطبلين والمراوغين وقناصي الفرص، وسلك طريقا إستبقهم اليها قبل أن يملؤها بالحفر والمطبات. ولأن الامير، الذي لا زال في مقتبل شبابه، لا تربطه بمؤسسة الفساد العتيقة اي رابط من مودة او صداقة، او مصلحة او حتى معرفه، فإن الفاسدين جميعا امامه سواءَ في سوئهم، ويقف منهم على مسافة واحدة. ولذلك، فإنه لن تأخذه بأي منهم لومة لائم بغض النظر عن عشيرة الفاسد ومحافظته واقليمه وأصله وفصله والالقاب التي يحملها. داينصورات الفساد لا تبقي شجرا ولا عشبا، وبالتالي لا تبقي ضرعا. بقائها يعني وطنا اجردا متصحرا. وتاريخ الصحراء، لا توجد فيه مدونات عن دول.
الفاسدون لا ينتمون لقبائلهم، وإنما ينتمون الى قبيلة الفساد. وشبكة قبيلة الفساد أوهى من بيت العنكبوت وإن بدت للناظرين والمتوهمين غير ذلك. الفاسدين من الوزن الثقيل والوزن المتوسط معروفين جيدا وعلى نطاق واسع للحكومة وللمواطنين. الاردنيون يملكون عيون زرقاء اليمامة. ولذلك لن يفلح الفاسدون بالتستر والاختباء. ومن حسن حظ الاردنيين ان جهود الامير الوطنية، يتم ترجمتها بفعالية من قبل حكومة الملك الحالية بأجهزتها المتعددة. فرئيس الحكومة حريص على أن لا يشوه موروثه المشرف ولا ما سيكتبه عنه التاريخ. وملتزم بما جاء بكتاب التكليف الملكي له بتشكيل الحكومة خاصة مكافحة الفساد.
ما فعله الامير حسين وما ينتظره الاردنيون منه قريبا من تداعيات هذا الملف، حسم الامر لصالحه، واغلق كافة المنافذ أمام دهاقنة الفاسدين لشق صف العائلة حول ولاية العهد.
سيكون القضاء الاردني، الذي يُجمِعُ الاردنيون على نزاهته وحياديته وشجاعته، هو فقط من يَسِمِ الفاسدين بوسم الفساد، ويتوجهم بأكاليل من ريش الغربان
ويقدم لهم انخابا من دماء الخفافيش. وهو من سيبرئ الابرياء، ويحفظ كرامتهم ومكانتهم الاجتماعية على كافة المستويات، وينفض رذاذ الغبار عن عبائاتهم. الاتهام بحد ذاته ليس حكما. هو يشين ويجرح المجرم فقط. لكن الاتهام الباطل لشخص بريء، سيستنزف ضمير المُتَهِم وإنسانيته، ويظلُ يعذبه ويشعره بالخسةِ حتى لحظة اندثاره.
تبت يدا ابي لهل وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب. تبت ايادي الفاسدين جميعا دون استثناء.