هل لدينا رأي عام أردني ومن يصنعه؟ سؤال لا تحتاج الإجابة عليه إلى طويل تأمل،في واقعنا وفي حجم التناقض بين المواقف التي نتخذها بين عشية وضحاها،لنكتشف أنه في معظم الأوقات ليس لدينا رأي عام متماسك، باستثناء حالات استثنائية يتوحد بها الأردنيون حول قضية وطنية أو قومية ، وغالباً ما يتم ذلك على أساس الفزعة،لذلك سرعان ما يعود الحال إلى ماكان عليه من فوضى الرأي العام في الرؤية والتناقض فيالمواقف.
تساهم جملة من العوامل في صناعة هذه الحالة في طليعتها وسائل تواصل اجتماعي مترعة بالغث والسطحية والإشاعات، ومع ذلك فإن الكثيرين من الأردنيين ينقادون لها، ويروجون إشاعاتها ويصدقون سخافاتها، ويبنون مواقفهم ويصدرون أحكامهم على أساسها. وقد زاد الطين بلة أن الكثيرين من صحفي الإثارة والفبركة انتقلوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وصاروا ينشرون من خلالها خزعبلاتهم، ويمارسون من خلالها ابتزازهم، وهذه كلها تصب في خانة تشويه الرأي العام الأردني وتضليله وتناقضاته، غير أن أخطر مافي وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها السلبي على الرأي العام الأردني أن هناك غرف سوداء لا يخفى وجودها على العين الفاحصة، وهي غرف خبيرة في صناعة الإشاعات المضللة، المبنية على جزء من الحقيقة، تستخدم هذه وسائل التواصل للتأثير على الأردنيين، فتنتشر الإشاعات بينهم انتشار النار في الهشيم، لتلعب دورها المطلوب في تضليل الأردنيين وهز ثقتهم بدولتهم ومؤسساتهم وقبل ذلك بأنفسهم.
غير وسائل التواصل الاجتماعي وإشاعاتها وغرفها السوداء، ودورها في تضليل الرأي العام الأردني وتمزيقه، هناك دور ممنهج في هذهالعملية تقوم به الكثير من مؤسسات المجتمع المدني الممولة تمويلاً أجنبياً، لأنها تخدم أجندات خارجية تصب في تمزيق النسيج الاجتماعي، من خلال العبث بمنظومة القيم، بكل ما تتركه هذه العملية من تأثير سلبي، يمزق الرأي العام الأردني، خاصة في القضايا ذات البعد الاجتماعي، وتأثيرات ذلك على الأبعاد السياسية والاقتصادية.
ثالثة الأثافي في تأثيراتها السلبية على الرأي العام الأردني، هي شلل السياسيين الأردنيين الذين يتناحرون فيما بينهم، من خلال إطلاق الإشاعات التي تلمز ببعضهم، لكنها في النهاية تلمز بأداء الدولة الأردنية وتضلل الرأي العام الأردني، وتهز ثقته بدولته من خلال هز الثقة برجالها ومؤسساتها.
كل هذه مؤثرات سلبية في بناء الرأي العام الأردني جعلته هشاً متقلباً سهل الانقياد، وقد ساعدت هذه العوامل السلبية في أن تأخذ مداها في التأثير السلبي، غياب المؤسسات الرسمية عن أداء دورها في بناء الرأي العام وترشيده، وفي الطليعة منها الإعلام المهني المنتمي للدولة وخطابها، وهنا يكمن الخلل الحقيقي وهو غياب الخطاب الرسمي المتماسك والمقنع، الذي تنقله وسائل الإعلام وأدوات الثقافة والخطاب الديني فهذه كلها غائبة، لذلك يتم تضليل الرأي العام الأردني واستباحته.