الهوية الوطنية جزء أصيل من أمننا الوطني، وأي محاولة للتأثير في رغبات العامة نحو اعتناق قيم حزبية مستوردة، أو تمجيد شخصيات من خارج حدودنا بنوايا خفية لتعظيم نفوذ دولة أو تنظيم، هو اعتداء ناعم لا براءة فيه وله ما بعده، ويهدد مصالحنا وسيادتنا الوطنية.
لقد قدم الأردن قوافل من الشهداء، وتوشحت مسيرته بالبذل والعطاء، وأنجب رجالاً وقفوا كالصناديد ومرّوا على جمر الوغى، ليشهد على بطولتهم العدو قبل الصديق، فما بال أبناء جلدتنا يستوردون أسماء غريبة، ويلونون أسابيع الوطن بأسماء ما زادت الأمة إلا خسارة، ثم يتناقلون قصصاً عن أدعياء بطولة من خارج حيّنا يريدون لنا أن نطرب لأصواتهم.
فليكفّوا لأننا لن نفعل، أبطالنا فقط من يشبهوننا وهم من نزفوا الدماء دفاعاً عن هويتنا الأردنية، الذين لا زالت شواهد قبورهم على تراب الأردن، وعلى أسوار القدس، وبين كروم فلسطين وبّياراتها، مزارات لكل من أراد أن يقرأ التاريخ أو يستذكر تضحية وكفاح.
وعبر تاريخه، دافع الأردن عن هويته ضد من كانوا يستترون خلف خطب عصماء، وكلمات رنانة كانت تسافر عبر أثير الإذاعات في نسخة قديمة من أسلحة النفوذ الناعم حتى غسلت كلماتهم قلوب البعض وعقولهم، وفي النهاية جرّت على الإقليم الدمار، وخرج الأردن سالماً آمناً بوحدة أبنائه تحت قيادته الهاشمية.
واليوم يدافع الأردن عن هويته ضد المستترين خلف أقنعة وقيم كاذبة معلبة، مرسلة لنا على شكل فيديوهات وقصص من بطولتهم وإخراجهم تسافر عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وفي النهاية سنرى أي دمار جلبوا وسيجلبون يوم أن تسقط الأقنعة، وما ذلك عن إقليمنا المنكوب بعيد، حيث خرجنا وسنخرج سالمين من ما أصابه، بوحدتنا وبدفاعنا عن هويتنا وقيمنا.
لقد كتبت الأيام فوق سطورها أن للأردن تاريخ من الفخر لو ننشره على الدنيا لكفاها، حفرها المخلصون بتضحياتهم رغم الظروف ورغم الضغوط والتحديات، ونحن بفضل هذه التضحيات لا زلنا ها هنا صامدين في أرضنا، آمنين بنعمة من الله، فافتحوا أبصاركم وبصائركم، واقطعوا رسائلهم وبثهم، واخرسوا أثيرهم وأكاذيبهم المعلبة الناعمة.
أمّا إن تاجر البعض بهمومنا ظلماً وزوراً وطمعاً في منافع ومصالح ظنها آتية، فدعوه لتجارته فمصيره الخسارة والندامة، وذات يوم... سيعرف الظالمون لوطنهم أي منقلب ينقلبون .