الصراع الحقيقي الذي تخوضه النفس البشرية هو صراع بين الخير والشر، هو صراع غير مادي وغير ملموس، ولكنه حقيقي وعنيف يؤرِّق النفس ويزعجها ويتفوق عليها. والحقيقية الروحية أنَّ الإنسان بمفرده عاجز عن الوقوف بوجه هذه التيارات واللجج الظلامية التي تحاربُ كلَّ شيء صالح بداخله وتدفعه لينضم إلى رهطها وإلى جيشها من الفساد والشّر.
ولذلك وبدون التسلح بقوة سماوية وبقوة العلي القدير يصعب على نفوسنا البشرية أن تقف وأن تصمد وأن تحارب الرياسات والسلاطين وقوات العالم الظلامية وأجناد الشر الروحية في العالم غير المنظور.
فلو كانت معركتنا مع دمٍ ولحمٍ لكان مقدوراً عليها، فالقوة تقابل بقوة أكبر منها وأكثر تسليحاً وعتاداً واستعداداً، ولكنَّ معركُتنا هي حربُنا الروحية هي ضدَّ قوات الشر والفساد، وتتطلب منا التسلح بسلاح لا تقوى عليه ولو اجتمعت الإنس والجن، ..سلاحٌ أساسه قوةُ الإيمان بكلمةِ الله الحيّة التي هي أقوى من كلِّ سيف ذي حدين، وحياةٌ ممنطقة بالحق، وَسِجّلٌ مدرّع بأعمال البر والخير، وسعيٌ دائم لأجل نشر بشارة السلام والمحبة والعدل، وخلاصٌ ًمْمِكٌن فقط بكل هذا التسلّح الكامل، فتقدر عندها أنْ نَصمِدَ أمامَ هذه كلَّ حِيَلِ الشر وطرقه وننتصر عليها.
فليس أمامنا من خيار في الحياة فإما أن ننتصر أو أن ننهزم، والهزيمة هي دائماً للضعاف المستسلمين لأهوائهم وشهواتهم وإغراءاتهم، وأما النصر فهو حليف لمن يَصمِدْ وَيَثبُتْ ويتحدَّى بصبرٍ وإيمانٍ ورجاءٍ ومحبة. فالنصر أكيد لصالح الخير والسلام والحق مهما استفحلت قوى الشّر في العالم. خوضوا المعركة بانتصار!..