قبل أربعين يوم كانت فاجعتي بولدي الأكبر فراس، وكانت صرخة الالم تعصر قلوبنا وتكوي افئتدنا وعقولنا، كانت فاجعتي برحيل من عايشناه السنين والسنين، ومن أحببنا في بره وتقواه، في خشوعه وبراءته، فكان المطاوع والحنون، والمجتهد الخجول، وكان المعطاء بصمت والمحب للجميع، ولا تفارق الابتسامة وجهه، ولم تتسلل البغضاء إلى نفسه فكان الابن والصديق وكان الرفيق الصدوق.
رحل فراس الذي احتسبه عند الله، وأنا بأمس الحاجة له، رحل فجأة ودون استئذان فلا اعتراض على امر الله وقدره، لله ما أعطى ولله ما أخذ.
فراس ... يا ولدي انعيك اليوم وتبكيك كل عائلتك وكل عشيرتك ومحبوك، انعيك اليوم وأنا كلي شكر واعتزاز وعرفان لكل من قدم فيك العزاء، وكل من حضر أو اتصل والم فقدان الابن، انعيك بألم كل الناس الذين افتقدوك وتألموا لالمي وعائلتي اجمع، انعيك وقد ارتفعت الحناجر والافئدة تدعوا لك وتضرع لرب البرية الرحمة والغفران وجنات الخلد.
فراس يا ولدي، اسمح لي وانت في دار الحق والطهارة بين يدي ارحم الراحمين الذي أمرنا بشكر الناس والعرفان بفضلهم، اسمح لي أن أشكر الناس الأوفياء والمخلصين، اسمح لي يا ولدي أن أُحيي من أعماقي المكلومة سيدي صاحب الجلالة وولي عهده الامين على عظمة قلوبهم واحساسهم النبيل ومشاركتي بهذا الحدث الجلل ومواساتهم لنا ولأهل اللواء أجمع والذي كان له وقع كبير في النفس، وأشكر ايضا رئيس الديوان الملكي والحكومة برئيسها ووزرائها والأعيان برئيسهم والاعضاء، وقيادات الجيش والأمن برؤسائهم ومرتباتهم، ولكل الأصدقاء والزملاء في المملكة.
والشكر كل الشكر لأبناء الوطن الذين بادروا وقدموا العزاء فلهم مني ومن عائلتي وأهلي في الرمثا واللواء كل الشكر والعرفان.
اسمح لي أن أعبر عن امتناني لكل فرد في هذه العشيرة الواحدة في الرمثا واللواء، وكل من شاركنا العزاء في بني كنانه، فرغم واقعة الجائحة، وخطورة ما فرضته علينا إلا أنهم جاءوا معزين متألمين غير ابهين بشئ فأنت الغالي وغيابك خسارة.
أربعين يوم وما زالت القلوب تدمع والحزن يتجدد، لكن من الله علينا بالسلوان ومنحنا الصبر القدير، فأخلد ياولدي في لحدك ودعواتنا لك لن تبور ولن تتوقف وانت بين يدي الله الواحد الاحد.