من الصعوبة بمكان -مهما اجتهدت- أن تطوّع الكلمة محاولاً أن ترتقي بها لقامة هذا الرجل، فقد يخونك التعبير وتستشعر بضآلة إمكانات قلمك الذي يحاول هو الآخر جاهداً -علّه- يرتقى لقامة عسكرية وطنية بحجم فارس حلقتنا ..
أما كاتبة هذه السطور... فلا تطمع ولا تطمح إلا أن توفي مثل هكذا قامات وطنية بعض من حقها، في زمن!!! غاض به الوفاء، وفاض الغدر ، وارتقت فيه الرويبضات مرتقا صعبا ، في زمن سادت فيها نخب مصنّعة معلّبة، سريعة التحضير والذوبان .
في مضارب قبيلة العدوان... عنوان الزعامة وقبلة الأحرار ولد فارسنا عام 1940، لم يولد وفي فمه ملعـقة من ذهب،ولم تكن الجادة أمامه لينة وطيئة بل عانى كأبناء جيله من قسوة الحياة ومسه شظف العيش ..
بأواخر 1957 التحق بركب أصحاب الزنود الفتية المعفرة بتراب الوطن ... المزوبعة برمال الصحراء، أصحاب العيون التي عافت الغمض تستدير حيثما يستدير القمر.... لذب العاديات عن حياض الوطن، انهم الذين نبذوا الراحة وهجروا الدعة، واقسموا على خدمة الاردنيين ..وصون منجزاتهم والحفاظ على اعراضهم وممتلكاتهم وأرواحهم ..
لقد جال الوطن من طرته إلى درته، ومن غوره إلى اجفوره ... متدرجا في المناصب والرتب العسكرية حتى رتبة فريق... ومن أهم المواقع القيادية التي شغلها قائدا للقوات الخاصة، مديرا لشؤون الضباط، قائدا للفرقة/ 12 الملكية... وآخرها مساعدا لرئيس الأركان ..... كان خلالها مثالا يحتذى في الإخلاص والانتماء ، والاستعداد للتضحية والفداء... ملتزما بروح الجندية ونواميسها وقيمها الإنسانية، مؤمنا بأن المؤسسة العسكرية هي المدرسة الأولى التي تعلم المرء أبجديات الوطنية ..
وحين ترجل عن صهوة القيادة العسكرية طار إلى الباكستان سفيرا، وبعدها تابع مسيرته في خدمة وطنه من خلال انخراطه في العمل السياسي "حزب الشراكة والانقاذ" وعضوا بلجنة المتابعة الوطنية، وكذلك عضوا في اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكرين.
ليس من السهل جمع مسيرة حياته في سطور،فهو قامة شاهقة لها ألق النخيل، ومنبع ننهل من فيضه الجم القراح... ولعله من القلة القليلة التي لم تتملق ولم تتشدق.
ابو ماجد ... صاحب عفة، هذبته الآداب وأحكمته التجارب ، له تواضع العلماء، وفهم الفقهاء وجواب الحكماء، وهو فارس قبل أن يكون قائدا عسكريا، وقائدا قبل أن يكون أديبا ومفكرا، بل هو كل هذا وذاك... مرايا متعددة متقابلة، تنعكس على بعضها البعض، فيكون لها وهج الدلالة، ينساب نهر أفكاره وإبداعه على صفحات الحياة، كيف لا وقد استمد فكره ونهجه الوطني... من جده امير البلقاء وقائد ثورتها المجيدة الزعيم ماجد العدوان .
الباشا ابن عدوان ...
سيبقى اسمك محفورا في الذاكرة الوطنية، وفي لوحة شرف القادة الأفذاذ .... مع خالص التقدير والاعتزاز.