بدأت مؤسسة الاذاعة والتلفزيون بمناسبة مئوية الدولة الاردنية استقطاب المتخصصين بتاريخ الاردن في كل مناحي الحياة وبثها عبر اثيرها بمشاركة العديد من الاذاعات الخاصة والعامة في الاردن لإبراز تطور الاردن في مختلف المجالات ابتداء من تأسيس امارة شرقي الاردن في عام 1921 .
وكان لي نصيبان اتحدث في هذا الجهد الذي تقدمه مؤسسة الاذاعة والتلفزيون في فقرات اذاعية عن تاريخ ونشأة ومسيرة الصحافة في الاردن كمتخصص في هذا الموضوع اعتمادا على مؤلفاتي التي تتضمن (( صحافة شرقي الاردن من عام 1920 -1950 )) ومسيرة الصحافة الاردنية من عام ((1920 – 2000) ومسيرة وكالة الانباء الاردنية في احتفالها بمناسبة مرور اربعين عاما على تأسيسها عام 1969 , الا انني في كل مرة اتحدث فيها عبر اثير اذاعة المملكة الاردنية الهاشمية او من خلال بعض برامج التلفزيون لم اتمكن من اعطاء الصحافة الاردنية حقها لضيق الوقت .
فلا بد من ان استعرض هذه المقالة بتوسع اكبر عن نشأة ومسيرة الصحافة الاردنية على مدى مئة عام ابتداء من صدور صحيفة ( الحق يعلو ) حيث كان صدور العدد الاول منها في مقر سمو الامير عبدالله ابن الحسين ( جلالة لملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين في مدينة معان بتاريخ 20 جمادى الاول سنه 1339 هجرية , حيث صدر منها (6) اعداد اربعة منها في مدينة معان واثنتان في مقر الامير عبدالله في عمان , وبعد توالي صدور الصحافة الاردنية على مدى العقود الماضية , استمرت المسيرة برعاية ودعم وعطف الهاشميين على الصحافة والصحفيين .
ولا بد هنا ان نقسم صدور الصحافة الاردنية الى مراحل على مدى عشرة عقود مضت , واخصص هذه الحلقة لفترة صدور الصحافة من عام 1920 – 1950 وهي ما تمسى صحافة شرقي الاردن , حيث بدأت بصحيفة ( الحق يعلو ) الذي امر بإصدارها سمو الامير عبدالله ( الملك المؤسس ) لتكون اللبنة الاولى لمسيرة الصحافة الاردنية والتي كان سموه يرغب ويؤسس لصحافة واعلام اردني لطموحه في تأسيس امارة شرقي الاردن لتكون نواة للدولة العربية التي جاء سموه من اجل تأسيسها .
وعند وصول سمو الامير عبدالله الى معان توافد العديد من احرار العرب للالتحاق به ايمانا منهم ورغبتهم واصرارهم على وجوب تأسيس الدولة العربية في بلاد الشام جميها , وكان من بينهم رجالات من سوريا ولبنان وفلسطين وشرقي الاردن والعراق, لاهتمام سمو الامير عبدالله بالصحافة والاعلام فقد كلف كلا من محمد الانسي وعبد اللطيف شاكر بإصدار والاشراف على صحيفة ( الحق يعلو ) وتم اصدراها وطبعاتها بوسائل بدائية لان الاردن لم يعرف ولم يكن عنده اي نوع من انواع الصحافة او المطابع كبقية اجزاء بلاد الشام الاخرى حيث تم اعدادها بواسطة اليد المكتوب على لوح من الشمع , وطمسه بالحبر ووضع الورق الابيض عليه لإخراج العديد من النسخ وكان مضمونها مقالات وقصائد من الشعر ودعوات لا حرار العرب للالتحاق بسموه من اجل تحقيق الهدف .
وكانت اول صحيفة اردنية تمت طباعتها بواسطة مطبعة تدخل الاردن لأول مرة هي صحيفة ( الشرق العربي ) التي اشــرف على اصدارها ( محمد الشريقي ) بتكليف من سمو الامير عبدالله حيث ذهب الشريقي الى مدينة القدس لإحضار مطبعة تم نقلها بواسطة ( البغال ) لأنه لم يكن هنالك وسائل نقل غير هذه الوسيلة , وكانت مضامين هذه الصحيفة .. مقالات لسمو الامير عبدالله ومقالة رئيسية في كل اعداد الصحيفة , للمشرف على الصحيفة المرحوم الشريقي واخبارا عن الحياة السياسية والاجتماعية والزراعية في الاردن اضافة الى بعض الاعلانات الرسمية , كما تضمنت هذه الصحيفة المطالبة بالحرية للدول العربية التي كانت تخضـــــع للاستعمـــــار الاجنبي , كما صدر بعض الصحف في تلك الفتـــــرة اي ( العشرينيات ) وبعد ان توقفت ( الشرق العربي ) عن الصدور لصبح نواة للجريدة الرسمية التي لا تزال تصدر حتى الان , وكانت الشرق العربي تنطق بلسان المصلحة العربية العليا .
وابتداء من عام 1927 بدأ المسؤولون في الامارة بإصدار اول قانون للمطبوعات , فكانت صحيفة الانباء لصاحبها مصطفى وهبي التل الشاعر الاردني الكبير ( عرار) وهذه الصحيفة لم تستطع الاستمرار بالصدور وطبع منها صفحة واحدة , كان ( عرار ) يتوقع منعها من الصدور لأن هدفها كان التحدث بلسان المعارضة الاردنية وهذا ما اوضحه مقالة ل ( عرار ) يقول فيها (( هذه جريدة الانباء اضع العدد الاول منها بين يديك ايها القارئ لتحدثك سطوره عن حكمة ظهوره بهذه الصفة وهذا العنوان اللذين ما كنت لأرضاهما لصحيفة ستكون لسانك الناطق بالحق وقلبك الخفاق بحب الصراحة وشعورك الفياض بالحرية لولا ان اكسبرس التشريع بهذه البلاد شاء ذلك وحال دون تحقيق ما كنت اريده لهذه الصحيفة من تسمية , غدا او بعده سينشر قانون المطبوعات الجديد فإنني اخبرك ايها القارئ ان فكرة اصدار هذا القانون جاءت لتكون حائلا دون اصدار جريدة جديدة في هذا البلد العربي النازح كما يقول الشريقي والبلد الرازح كما توجب علينا الصراحة .
وقال (عرار) في قصيدة له تعقيبا على اجراءات الانتداب البريطاني :
يا قوم لا تتكلموا... ان الكلام محرم .
وخلال فترة (1920 -1950 ) صدر العديد من الصحف والمجلات الاردنية بعضها كان ينطق باسم المعارضة الاردنية وهذه الصحف هي :
- الحق يعلو
- الشرق العربي صدرت عام 1923 وهي الجريدة الرسمية للدولة الاردنية .
- مجلة الحمامة صدرت عام 1923 واصدرها في برلين في المانيا الدكتور صبحي ابو غنيمة .
-جريدة الاردن صدرت عام 1923في مدينة حيفا في فلسطين ونقلها صاحبها خليل نصر برغبة من سمو الامير عبدالله لتصدر في عام 1927 .
-جريدة الشريعة صدرت عام1927 لصاحبها كمال عباس ومحمود الكرمي
- جريدة صدى العرب صدرت عام 1927 لصاحبها صالح الصمادي .
- جريدة جزيرة العرب صدرت عام 1927 لصاحبها حسام الدين لخطيب .
- جريدة الانباء صدرت عام 1928 لصاحبها مصطفى وهبي التل الشاعر الاردني ( عرار ) ,
- جريدة صوت الشعب كانت تصدر في مدينة بيت لحم عام 1921 وتقفت عن الصدور بسبب تعطيلها من قبل سلطات الانتداب البريطاني .لكنها صدرت مجددا عم 1947 ورئيس تحريرها يوسف البندك .
- مجلة الميثاق صدرت عام 1932 وكانت حال لسان الحزب الوطني الاشتراكي وكان صاحب امتيازها الدكتور صبحي ابو غنيمه وعادل العظمة .
- جريدة الوفاء صدرت عام 1938 لصاحبها صبحي زيد الكيلاني .
- جريدة الجزيرة صدرت عام 1939 ونقلها صاحبها تيسير ظبيان من دمشق الى عمان برغبة من سمو الامير عبدالله .
- جريدة فلسطين صدرت في مدينتي القدس وعمان ( 1948 – 1949 ) بعد النكبة وكان رئيس تحريرها ( رجا العيسى ) وبقيت تصدر حتى تم دمجها مع صحيفة المنار لتصدر باسم جريدة الدستور التي لا تزال تصدر في عمان.
- نشرت الانباء العربية التي صدرت في القدس عام 1941 وكانت الوحيدة التي تصدر بعد احتجاب اغلب الصحف عن الصدور اثر احتلال فلسطين عام 1948 ثم انتقلت الى عمان بتاريخ 13/5/1948 لتصدر باللغتين العربية والانجليزية , وقد صدرت باسم وكالة الانباء العربية .
- مجلة الرائد صدرت في عمان عام 1949 لصاحبها امين ابو الشعر .
- جريدة الجهاد صدرت في عمان عام 1937 لصاحبها غازي خير .
- جريدة الحق صدرت عام 1947 لصاحبها ( سعد جمعه وطبعت اعدادها في دمشق بسبب معارضتها ووزعت في لبنان وادخل بعض النسخ منها الى الاردن .
-جريدة النسر صدرت في عمان عام 1947 لصاحبها ورئيس تحريرها صبحي القطب .
- جريدة العهد صدرت في عمان عام 1947 لصاحبها سليمان النابلسي .
- جريدة البعث صدرت عام 1948 لصاحبها عبدالله الريماوي .
- جريدة الصريح صدرت عام 1948 لصاحبها هاشم السبع .
- جريدة اليقظة صدرت في عمان عام 1948 اصدرها رئيس تحريرها سليمان الحديدي .
- جريدة الجامعة الاسلامية صدرت عام 1949 لصاحبها حيدر التاجي الفاروقي .
- جريدة النهضة صدرت عام 1949 لصاحبها اسماعيل النابلسي.
- جريدة شباب العرب صدرت 1949 لصاحبها اسماعيل النابلسي .
- جريدة شباب العرب صدرت عام 1949 لصاحبها المحامي بشير الحطاب.
- جريدة الدفاع صدرت عام 1949 لتكون بديلا جريدة النسر التي تم تعطيلها لصاحبها ممدوح القطب .
- مجلة الميثاق صدرت عام 1949 لصاحبها المحامي شفيق ارشيدات وهي ناطقة باسم الكتلة البرلمانية المعارضة .
ان معظم الصحف والمجلات التي صدرت في تلك الفترة كانت معارضة للانتداب البريطاني , ولذلك لم تستمر في الصدور بسبب معارضتها او بسبب صدور قوانين للمطبوعات جديده تضع شروطا تعجيزية على اصحاب الصحف .
وكانت صحيفة الجزيرة التي استمر صدورها اكثر من عشر سنوات يومية , حيث كتب رئيس تحريرها ( تيسير ظبيان ) بمناسبة تتويج الامير عبدالله ملكا على الاردن بعد استقلاله عام 1945 وقال فيها (( لماذا لا تمتزج في هذا اليوم دموع الاسى بدموع الابتهاج .. ولماذا لا نتخذ من استقلال هذا الوطن ذريعة للإفصاح عن الام ذلك الوطن فلسطين الراسخ بأغلال العبودية .. ومن احق من هذه البلاد بالعطف على الالامها وتضميد جروحها ومسح دموعها وتخفيف اشجانها ,.. بل ولماذا لا ننشد مع المنشدين على لسان فسطين بقولها :
بي مثل ما بك يا شقيقة فاسالي
من فك اسرك ان يحل وثاقي .
وعلى مدى صدور صحيفة الجزيرة فتحت صفحاتها اضافة للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والزراعية , فتحت صفحاتها للآدب لنشر الشعر والادب لشعراء الاردن وأدبائه, وكان سمو الامير عبدالله الشاعر والاديب الاول في الاردن حيث اسهم بنشر العديد من القصائد والمقالات الادبية بهدف تشجيع الادباء والشعراء لنشر انتاجهم في صحيفة الجزيرة في الوقت الذي لم يكن هناك طباعة للكتب .
وقد سجلت صحيفة الجزيرة اهم سجال ادبي بين سمو الامير عبدالله والاديب عبد الحليم عباس , وكانا الاثنين يكتبان باسم مستعار , حيث كان الامير عبدالله يكتب تحت اسم مستعار ( س .ذ ) وعبد الحليم عباس تحت اسم مستعار ( نقاب )
ومن خلال اطلاعي على بعض موضوعا الصحف الاردنية خلال هذه الفترة , فقد كان سمو الامير عبدالله ( الملك المؤسس ) يكتب المقالة الافتتاحية في اول عدد من كل صحيفة تصدر في الامارة والمملكة بعد الاستقلال .