لا أحد يجادل في ملكية الإنسان الخاصة، فلكل امرءٍ حريتُه المطلقة في استخدامها كما يشاء وكما يريد. وتتنوع طرق استخدام الإنسان لملكيته الخاصة كلٌّ حسب مزاجه واهتماماته، ومع ذلك فهو يتحمل كامل المسؤولية الشخصية تجاه نفسه وتجاه عائلته بحسب المسؤولية المترتبة عليه وبحسب إهتماماته وطموحه، " أما يحل لي أن أفعل ما أريد بما لي؟"
والجدل الكبير والهام يدور حول الملكية العامة، وهي ملكية تخص الجماعة وربما المجتمع بأسره، ولا يحق لأحدٍ التصرف بمقدرات الناس والشعوب على هواه من غير محاسبة أو مساءَلة. ففي العالم المتطور هناك مع المسؤولية عنصر المساءَلة، وهذا واجب وحق، بل هذا حماية أولاً وآخراً للمسؤول نفسه كي لا يتجرأ عليه أحد ويثير حوله الشكوك والشبهات والإتهامات. وأما إدارة الملكية العامة فهي تتطلب عنصر الشفافية التامة والتي هي مطلب رئيسي وأساسي في المجتمعات المتطورة الحديثة بحيث لا يبقى هناك مجالاً للشك والتكهنات، بل تدار الأمور بشفافية واضحة لا تقبل الجدل وللصالح العام.
وكما أنَّ هناك الملكية الخاصة في حياتنا هناك أيضاً الملكية العامة التي تهُّم الجميع. ولا يمكن للمجتمعات أنْ تنهضَ بغير الإثنين معاً. وللملكية العامة آثار مترتبة على شريحة واسعة وكبيرة من المجتمع وتُسهم في تقديم أفضل الخدمات وأجوَدِها التي يجب أن تراعي مصلحة عموم الناس لا المصالح الفردية الأنانية والشخصية.
لذلك، فنحن نحتاج في مجتمعاتنا المشرقية أنْ نعزِّزَ مبدأ المساءلة مع كلِّ مسؤولية في كل قطاعات الحياة، وذلك لكي نقطع دابر الفساد الذي قد يَنخَرُ في عظمِ المجتمعات ويدمِّرَها ويبتلعَ حقوق الناس ويشكِّل عائقاً للتنمية الحقيقية التي هي مسعى كلّ المخلصين والأفياء لأوطانهم ومجتمعاتهم.