أيةُ حكومةٍ من حكومات العالم العربي، لا ترى في نفسها أنها مجلس بلدي ومجلس حكم محلي بالدرجة الاولى، ولا تضع نصب عينيها تقديم ما تقدمه ادارات الحكم المحلي في الدول المتقدمة، هي حكومة فاشلة، لا تستحق الاحترام، ولا تستحق الدعم، ولا تستحق البقاء. ويجب على الشعب أن يرفضها ويلفظها بكافة الوسائل الممكنة.
حكومات العالم الثالث التي تضيع وقتها وموارد وطنها في لعبة السياسة الدولية، هي حكومة تتغافل عن ضآلتها وهامشيتها وعدم قدرتها على إحداث أي تغيير، أو خلخلة في مسار الاحداث العالمية. وتتهرب من مسؤولياتها المباشرة تجاه توفير الرفاه لمواطنيها بالانشغال بالشؤون الخارجية.
الطريق الى القمة تبدأ من درجة السلم الدنيا وليس الاعلى. بناء الذات، يبدأ بالاساسات. البنية التحتية اولى بالرعاية من البنية الفوقية الاستعراضيه. هكذا بدأت الصين مشاورها وماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة. السفارات والسفرات يجب ان تكون داخل حدود الوطن لا خارجه.
ولذلك نرى كيف يتدحرج القادة الذين حاولوا القفز على درجات السلم بدلا من صعوده درجة درجه. كما نرى الدول التي تراجعت من دول نامية واعدة الى دول فاشلة الى دول خائبة على حافة الانعدام.
الاهتمام بالالعاب النارية والفُتيش لتحقيق احلام امبراطورية وادوار سياسية اقليمية والسعي لمواقع الزعامة الوهمية تسببت في الهزائم السياسية والعسكرية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والقومية والوطنية والغرامية لمصر عبدالناصر وعراق صدام وسوريا العروبة والصمود وليبيا القذافي، كما تتسبب في جوع شعب كوريا الشمالية وتخلفه وعزلته وهشاشته، والامر ذاته بالنسبة للشعب الايراني. حكومات هذه الدول ينطبق عليها المثل " لباس ما عنده، أما الدكه ١٤".
راعي الغنم الذي يُمضي نهاره يحلم في انه مالك الغنم، إما تُسرقُ أغنامه، أو ينشغل عن اختيار المرعى المناسب، فتعود من المرعى جائعة وأثدائها فارغة من الحليب، ومع الوقت يصيبها الهزال، فيخسر مالكها ويبيعها بأبخس الاثمان (يخصخصها) ويطرد الراعي بعد ما يآكل اكمن فلكه.
تمارس المجالس البلدية ومجالس الحكم المحلي في امريكا المهام التالية على سبيل المثال لا الحصر:
توفير التعليم المجاني حتى نهاية المرحلة الثانوية، إنشاء ورعاية وتحديث شبكة مكتبات عامة، الرعاية الصحية الاساسية، الاشغال العامة بما فيها تخطيط الطرق والجسور وبنائها، تخطيط المدن وترخيص الابنية، فتح الشوارع وتعبيدها وصيانتها، ادارة مصادر المياه وايصالها للمواطنين، إنشاء شبكات المجاري العامة وصيانتها وتنقية المياه العادمة، بناء السدود، جمع النفايات ومعالجتها، الاسكان، ترخيص المهن والمشاريع الاستثمارية، الحفاظ على البيئة، صيانة الغابات والمناطق الخضراء وتوسعتها، الدفاع المدني، الامن والسلامة العامة، رعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، تطوير المجتمعات المحلية والشؤون الاسرية، ادارة المقابر، إنشاء المحاكم المحلية وتعيين القضاة، انشاء وصيانة الحدائق العامة وبرك السباحة، التصدي للكوارث الطبيعية كالفيضانات والحرائق وتنظيف الشوارع من الثلوج، وضع انظمة الموظفين بمن فيهم العاملين في الاجهزة الامنية والقضاة وتحديد رواتبهم، وتعيينهم في الوظائف وعزلهم منها، إدارة الانتخابات المحلية وعلى مستوى الولاية ومستوى الدولة الفدرالية.
الاهم، أن جلسات المجالس والادارات يجب ان تكون متلفزة وتبث على الفضاء، لتمكين الناخبين من متابعة النقاش وكيف اتخذت القرارات، ويحق لمن شاء الحضور للمتابعة والمراقبة. وهذا يُمكنُ الناخبينَ من مراقبة وتقييم اداء من انتخبوهم لادارة المؤسسات العامة للحكم عليهم في الانتخابات القادمة. لأن كافة من يدير المؤسسات العامة منتخبون ومساءلون مباشرة من الناخبين. كما يقلل فرص الانتفاع والتنفيع والرشوة وسائر مكونات الفساد. كما ان دفاتر وسجلات الحكومة والمعلومات مفتوحة ومتاحة للاطلاع.
في مجالس الحكم المحلي في امريكا، تُطَبقُ الديموقراطية الاغريقية المباشرة على ارض الواقع وليس في كتب العلوم السياسية فقط.