كنا نتمنى أن نجد التوحد بين صفوف الدول العربية ، وتتوحد قلوبنا على رجل واحد لمواجهة عدو واحد اغتصب أرضنا وشرد شعبنا ، إلا أننا أمام عدد من المعيقات حال دون تحقيق هذا الحلم العربي ، وما زال الجرح ينزف في وطننا الحبيب مخلفاً مزيداً من التشرد والفقر والجوع .
ولم نكن نرجو ظهور التوحد بين الأطفال ، ذلك الوجع الذي أحاط بأسر عديدة وقلب حياتهم رأساً على عقب . لم أسمع آهات وآلام كما سمعتها من أسر الأطفال من ذوي اضطراب التوحد ، ولم أر دموعأ ذرفت كدموع امهاتهم .
ولم يكن يعلم الطبيب النفسي ليو كانر عام (1943) حينما قدم تشخيصاً إلى (11) طفلاً أن هؤلاء الأطفال كانوا من ذوي اضطراب التوحد ، وأنهم تميزوا بأنماط مختلفة من السلوكيات وأن انعزالهم عن عالمهم ومحيطهم وعدم قدرتهم على التواصل مع الآخرين ، قد فتح أفاقاُ للعالم للتواصل من أجلهم ، وهل كان يعلم كانر أن هذا الاضطراب قد عبر القارات متجاوزاً كل الحدود ليقتحم بيوتا وعائلات كانت آمنه تحلم بأجمل مولود لها، وترسم له مستقبلاً أفضل.
منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا ونحن في دوامة لحل لغز الاضطراب ما بين توافق او اتفاق أو اختلاف، سواء أكان في التعريف أو التشخيص أو الأسباب ...وغيره
وتصرف حالياً ملايين الدولارات في غالبية الدول من أجل البحوث والدراسات لمعرفة
ما هية هذا الاضطراب الذي قتل آمال وطموح العديد من الاسر وهو في تزايد مستمر ضارباً عرض الحائط بما يخلفه من آثاراً وخيمة على الأسر بشكل خاص وعلى المجتمعات بشكل عام .
ورغم ما تصرف من اموال في الوقت الحاضر إلا انه ما زال العلم يقف عاجزاً عند تقديم حقائق ومعلومات تشفي وجع وآهات الأمهات وصرخاتهم ، ولا يزال التحدي كبير وكبير ، والأسئلة أكبر بما يلف هذا الاضطراب من الغموض .
نعم قد أربك التوحد المجتمعات وأرعب الأسر ، مما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم ( 62 / 139 ) اعتبا الثاني من إبريل من كل عام هو يوم عالمي للتوحد ، وما هي إلا بمثابة رسالة إلى العالم والضمير الانساني عن حجم المعاناة التي تعاني منها الأسر، وإنه ليوم حزين ومؤلم يمر ؛ بما يحمله من أحزان وآلام ، فيما يراه الآخرين مصدر كسب واحتيال واستغلال .
إن آلاف من البشر ينتظرون أن ترسم على وجوهم البسمة ، ويتضرعون إلى خالقهم أن يحقق لهم حلم ابنائهم بإيصال رساله الى مجتمعاتهم باننا " مختلفون ولسنا متخلفون " وأنه ليس من الصعب دخول عالمنا، بل لا تقحمونا في عالم لا يتقبلنا ولا يفهمنا . نحن وملايين من الحالات حول العالم ننتظر منكم الدفع باتجاه الدمج الذي يحقق لنا كرامتنا ويسهم في تحقيق المساواة والنيل من حقوقنا ... نحن نصرخ بصوت عال ارحموا آبائنا وخذوا بأيديهم، لسنا بحاجة إلى يوم عابر لا بل إلى أيام لتعرفوا كيف ندور في هذا الأفق وكيف ندرك ما حولنا ، مختلفون عنكم في إدراك وتفسير الواقع ، ومتساوون معكم في الحقوق والكرامة والانسانية ، كونوا معنا نكون معكم وقد قدمنا لكم أروع النماذج من الابداعات والمواهب تفوق قدراتكم وتوقعاتكم ... ها نحن وها أنتم ..
وبهذه المناسبة اقدم تحية اجلال وتقدير واحترام إلى جميع الأسر التي أكرمها الله بمثل هذه الحالة، لكم ولأمثالكم ترفع القبعات ، وإلى المحاربين الأشاوس في ميدان التربية الخاصة .