خوف، وترقب، ودعوات وابتهالات ملأت وسائل التواصل الاجتماعي على ضوء ما شهدته المملكة من اعتقالات وإن كانت محدودة إلا أنها غير معهودة ولا مسبوقة، ولهذا الخوف ما يبرره، فالأردنيون عادة ما يختلفوا وتتعدد وجهات نظرهم حيال المواضيع والقضايا المطروحة إلا أنهم لا يختلفون على وطنهم ووطنيتهم التي فاقت الحدود والوصف، فالأردن خط لا يمكن تجاوزه إلا أن تسيل دماء الأردنيين دون أن يبقى منها قطرة واحدة دفاعا عن أمنه واستقراره، وفي نواميسهم وقواميسهم مخطوطات تحاكي عقائدهم بأن الوطن مقدس ولا يعلو فوقه أحد.
في كل حدث أزموي تزداد صلابة الأردنيين، ويزداد حبهم لوطنهم وخوفهم عليه، ويتابعون وسائل الإعلام بترقب ووعي، فهم من أكثر شعوب الأرض ثقافة وصلابة، ومن أكثرهم قدرة على التحليل وقراءة ما بين السطور وما وراء الكلمة والصورة، فالأردني إعلامي بطبعه، ولا يهمه التلوين المغرض للأخبار، وسياسي بسجيته، وعنيد في سجاله، يزنون ويوازنون، مذهل في سوقه للأدلة والبراهين، وغير مسرف بشهيته، ولا يبتلع طعامه قبل أن يتذوقه ويعرف مصدره ومنبته، واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، واذا خاطبهم المغرضون المشككون ازدادوا تماسكا ووئآما.
لم يغمض للأردنيين ليلة أمس جفن، وهم يتضرعون ويطلقون الدعوات الصادقة عبر وسائل الإعلام ويبتهلون إلى الله أن يحفظ الأردن من كل سوء، تلك الدعوات التي كشفت يقينا أن الأردن أقوى بشعبه من كل المؤامرات، ومن كل ما يحاك لهذا الوطن تحت جنح الظلام وفي وضح النهار.
يدرك الأردنيون أكثر من أي وقت مضى أن الحاجة باتت ملحّة وضرورية لإجراءات في اطار التصحيح، وتخدم المصلحة الوطنية العليا، وتعود على الوطن بالنفع والفائدة، وبمزيد من الأمن والاستقرار.
في ظل ضبابية الموقف المتزامن مع نقص المعلومة نجد هذا التخبط، ونجد هذه التكهنات والتحليلات، عناوين وأخبار تابعها الاردنيون على وسائل الإعلام العالمية ( محاولة انقلاب، مؤامرة معقدة، اعتقالات بالجملة ومتواصلة والتطورات متلاحقة..الخ)، في مثل هذه الأوضاع وهي غير وليدة الصدفة يفترض أن تكون المصادر الرسمية قد أعدت بياناتها مسبقا، ووضعت خططها الإعلامية على نحو يطمئن الرأي العام، ويحيط المواطنين علما بما يجري، فما من أحد لديه ذرة انتماء إلا ويخاف على وطنه ويهمه أمره، الروايات متعددة، وبانتظار الرواية الحكومية التي طال انتظارها، ونأمل أن تجلّي الحقائق.