تعتبر مناسبة الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس وقيام الدولة الأردنية الحديثة مناسبة تاريخية وطنية نفتخر ونعتز بها جميعاً، وهي قصة نجاح أردنية برؤية ملكية، ومع أن أسباب الفخر كثيرة إلاّ أن أهمها وجود النظام الهاشمي الذي أرسى وأعلى مداميك هذه الدولة بناءً ونجاحاً في إقامة مؤسساتها، وبخاصة جيشها العربي وأجهزتها الأمنية، ووضع لبناته الأولى الملك المؤسس شهيد الأقصى عبدالله الأول، ليأتي من بعده حفيده الملك الحسين طيّب الله ثراه ليبني الدولة الأردنية الحديثة بمؤسساتها التي يعتز الأردنيون أنها وفرت لهم الإستقلال والأمن والاستقرار الذي يعيشون في فيئه وخيراته، بل وأيضا مكّنت الدولة الأردنية الحديثة من الصمود أمام كافة المؤامرات، فحق للشهيد عبدالله الأول أن يوصف أنه الملك المؤسس وللحسين أن يوصف بالملك الباني، وفيما قلوب أبناء هذا الوطن الغالي تدعوا لهما بالرحمة، فإنها دائمة الدعاء لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بالصحة والعافية وطول العمر لتحقيق المزيد من الإنجازات في دوره الذي أكسبه بحق محبة وولاء الأردنيين المطلق ووصفه بأنه الملك المعزّز.
الاحتفالية هذا العام بتأسيس الدولة الاردنية الحديثة وفي ظل الظروف والاوضاع الاستثنائية التي يمر بها الأردن والعالم اجمع، يؤكدُ قوة الدولة وقدرتها على التكيف والتأقلم والتعاطي الايجابي مع كافة الظروف والمستجدات، الأمر الذي شكل حماية لهذا الكيان الوطني على مدى عقود مضت، ووفر له أسباب الاستقرار والازدهار والنهوض والإنجاز وتجاوز التحديات والأزمات.
فهذه الدولة وقيادتها الهاشمية التي عانت وعملت وبنت ودافعت عن حدودها وقضايا أمتها بكل شرف وأمانة على مدار مائة عام، تحملت الكثير الكثير من الأعباء السياسية والعسكرية والاقتصادية على الرغم من قلة الإمكانيات والموارد وكثرة التحديات والتهديدات، واستطاعت أن تقوم بدور كبير في تنمية قدرة الأردنيين ورفع مستوى معيشتهم، جنباً الى جنب مع دعم أبناء أمتنا العربية والوقوف مع قضايانا القومية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ومنذ أن تسلمّ جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين سلطاته الدستورية عام 1999 تابع نهج ورسالة الهاشميين، واستطاع جلالته أن يقدّم صورة الدولة الأردنية الحديثة، القادرة على تحقيق الانجاز مهمّا كانت التحديات والصعاب.
وقد لعبت القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، منذ تأسيس الدولة الاردنية، دوراً رئيساً في تحقيق الأمن والاستقرار، كما ساهمت في بناء الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب الاردني حيث ساعدت في بناء وتطوير وتحديث وحماية الاردن بقصد الوصول الى مفهوم الامن الوطني الشامل، ونستذكر بكل معاني العز والفخار شهداء الاردن الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل رفعة وقوة وطننا الغالي وقضايا الأمة، والمتقاعدين العسكريين الذين قدموا الكثير على مدار مئوية الدولة الأردنية، حيث كان لهم دور كبير في الدفاع عن حدود الوطن ومقدراته، وتكريماً ووفاءً لهم فقد وجه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه بتخصيص يوم للوفاء للمتقاعدين وتحديد يوم 15 شباط من كل عام للاحتفال بهذه المناسبة، لما لهذا اليوم من معاني محفورة في قلوب الاردنيين تحيةً واجلالاً للشهداء والجرحى من جيشنا العربي المصطفوي واجهزتنا الامنية، هذا اليوم العظيم الذي أراده جلالة الملك أن يكون مناسبة للأردنيين لكي يقدموا شيئا من الوفاء لهذه الفئة العزيزة من أبناء الأردن من المتقاعدين ومن المحاربين القدامى.
لم يكن من السهل بناء دولة بهذا الحجم في ظل الإمكانيات الاقتصادية المتواضعة، والظروف السياسية المحيطة لولا وجود القيادة الهاشمية الحكيمة والقوات المسلحة والاجهزة الأمنية وكافة المؤسسات الوطنية، وكذلك وجود رجال دولة ومواطنين غيورين ومنتمين لتراب هذا الوطن، بالاضافة الى وجود القيم التاريخية التي رسخت ترابط الأردنيين وانتماءهم لهذه الأرض المقدسة، وما لها من الأثر الطيب والمميز في مسيرة البناء والإنجازات التي نشهدها اليوم.
ويستمر طموح الشعب الأردني الوفي من مختلف المنابت والأصول في المئوية الثانية أكبر وأعمق لتحقيق المزيد من الإنجازات لترجمة رؤى جلالة الملك الإنسانية والتنموية والسياسية والعربية للأردن وشعبه وللقضية الفلسطينية وامة العرب والإنسانية لتعزيز وتمتين قصة النجاح الأردنية، وسيبقى الأردنيون شعباً واحداً يحمل هوية عربية إنسانية واحدة، وعلى العهد باقون، يؤمنون ويخلصون للوطن ولقائد المسيرة، ويعملون لتعزيز الثوابت الوطنية والعربية والثقافية التراكمية، مؤمنين بدور قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية ومؤسساتنا الوطنية في بناء الوطن وحفظ الأمن الوطني والاستقرار المجتمعي.
المطلوب أن نجعل من ذكرى المئوية الأولى للدولة الأردنية محطة للتفكير والتقييم والمراجعة وأخذ العبر والدروس لمواجهة ما ينتظرنا من تحديات وطموحات في المئوية الثانية، نقف من خلالها على عناصر القوة والضعف، والمخاطر التي تهدد مجتمعنا وكياننا، وهي فرصة مناسبة لتأمل المنجزات نسبة للامكانات والقدرات، وتعطينا الأمل والعزيمة لاستكمال مراحل البناء في كافة المجالات.
حفظ الله قيادتنا الهاشمية وقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية ومؤسساتنا الوطنية من كل مكروه وأدام علينا نعمة الأمن والإستقرار في ظل حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه.