أقرت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الزيادة السنوية للمتقاعدين لعام 2021 ، دينارًا واحدًا ، على أن تصرف الشهر الحالي وفقًا لما صرّح به الناطق الرسمي باسم المؤسسة، وقد جاءت هذه الزيادة بناءً على دراسة: أيّهما أقل للعام 2020 نسبة التضخم أم متوسط الأجور، ؟!..
في حقيقة الأمر قرأت هذا الخبر في المواقع الإلكترونية ، وتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقد تناوله البعض بسخرية واستهزاء، قرأت الخبر أكثر من مرة وحاولت التروي لفهم الموضوع واستيعابه بشكل أفضل ..حتى تأكدت تمامًا بأن الزياده فعلًا دينار واحد يشمل أيضا الورثة.. ومن لديهم اعتلال وفئة الشيخوخة وغيرهم ....
لقد دُهشت كما دهش غيري ، وخاصة أنّنا ما زلنا نرزح تحت تداعيات جائحة كورونا ، وفقدان العديد من أفراد الأسر أعمالهم ، وتقاضي البعض نصف راتبه أو جزءًا منه.
إن مؤسسة الضمان الاجتماعي بمفهومها وبفلسفتها وبكيانها تعتبر من أكبر المؤسسات العالمية التي تهدف إلى توفير حياة كريمة للمؤمّن عليه في حياته أو لأسرته بعد وفاته ، إذ تعتبر السند القوي والسور العظيم الذي يتكئ عليه المواطن الأردني؛ ليضمن لنفسه راتبًا شهريًّا يسد به متطلباته وحاجاته الأساسية.
في عام ١٩٧٧، صدرت المكرمة الملكية بإنشاء الضمان الاجتماعي لحماية المجتمع وضمان التكافل الاجتماعي والتعافي النفسي بعد الانتهاء من الخدمة. وحتى عام ١٩٨٠ بدأت المؤسسة عملها تدريجيًا مع إجراء التعديلات على القانون الناظم لعمل المؤسسة في ضوء المستجدات لشمول أكبر عدد من المؤمّنين والمستفيدين من مظلة الحماية الاحتماعية ..
الأصل في هذه الضمان أن يكون خطًّا أحمر ، يمنع الاقتراب منه أو المساس بأمواله واستثماراته ، لأنه من جيب المواطن وعرق جبينه، وإلى المواطن؛ لضمان حياة بسيطة خالية من الرفاهية والمنكهات بعد انتهاء الخدمة والوصول الى سن الشيخوخة على حد تعبيرهم ومسمياتهم الى أن يأخذ الله وديعته.
ولكن للأسف يبدو أن الخطوط الحمراء ورغم التحذيرات أصبحت خطوطًا خضراء، وقد طالتها يد الحكومة وتمكّنت من المساس بحقوق المواطنين ، وما هذه الزيادة الهزيلة، إلا مؤشرًا لوجود خلل وانشطار داخل هذه المؤسسة .
إن الضمان قد يبدو حاليًا سليمًا معافى ، ولكن نذر الخطر يمكن قراءتها ، وهو ليس جمعية خيرية أو جمعية الدينار الأردني ، ولكنه مؤسسة الجيل الحالي والأجيال اللاحقة ، وعليه أن يحسن تدبيره وإدراته ، وعلينا أن نورث الأجيال القادمة مؤسسة تدرأُ عنهم المشاكل، وتجلب لهم المنافع والخير ، وسلامة الضمان وديمومته تتطلبان وعيًا كبيرًا وحسًّا وطنيًّا عاليًا ، وإدارة حصيفة؛ لأنّ انهيار الدول وموت اقتصادها لا يحدث إلا اذا أُصيبت التأمينات الاجتماعية ومؤسسات التقاعد بشح الموارد ونقصها.
وقد أشارت دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي عن مؤسسة الضمان الاجتماعي الأردنيه إلى أنّ المؤشرات تدل على عدم قدرة المؤسسة على الالتزام بدفع فاتورة التقاعد لأكثر من ١٠ سنوات ، ما لم يتم النظر في تدابير إصلاحية سريعة، وعندما قرأت هذه الدراسة لم أشعر بالقلق والخوف كما شعرته عندما قرأت خبر زيادة الدينار الخيري!
رأفة بالمواطن الأردني الذي تحمّل الكثير ، و انطلاقًا من الأمانة الأخلاقية للأجيال القادمة ، نأمل أن يتمّ إيلاء هذه المؤسسة جل الاهتمام وإجراء الدراسات الاكتوارية بشكل مستمر وكلما تطلبت الحاجة، وتسليم إدارتها للمخلصين من أبناء هذا الوطن ..
أما بالنسبة للزيادة السنوية المقررة حاليًّا، لك الله يا مواطن ولك محلات -كل شيء بدينار!!-