تحية عز وفخر واجلال الى اهلنا في فلسطين وأهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة ، وألف تحيةً للمقاومة الباسلة في غزة ودماء الشهداء وأحلام الأطفال والعابهم ، الف رحمة ونور على أرواح الشهداء من رجال ونساء واطفال وشيوخ ، وإلى عروسة الحب الشهيدة شيماء ابو عوف
ليس من السهولة بمكان الكتابة في حرب قادها رجال اشاوس استجابة لنداءات المقدسيين وأهالي الشيخ جراح في القدس المحتلة ودفاعا عن الأقصى الشريف ، لنصرتهم ضد ابغض وأبشع احتلال عنصري بالعالم ..احتلال لا يهنىء الا على دماء الأطفال والأشلاء .
لا أحد يخرج ناجيا من الحرب ، فمن سلم ببعض أجزاء جسده ، فقد بعضه الآخر ، ومن سلم بجسدة كاملا فقد بعضا من روحه، ومن فقد أهله وأحبته فقد روحه كلها ..
"أين تضع الحرب أوزارها" وتقف التراشقات بالأسلحة الفتاكة والمدمرة ، يتم حصر أعداد الذين ارتقوا الى ربهم واعداد الجرحى ، ما أن تبدأ الأوزار الأثقل ألما ووجعاً تفتك القلوب والنفوس..وزر الرحيل والفقدان ووزر الالم النفسي الذي لا احد يعرف مرارته الا من عاش وجعه ..
غزة العزة ..قد ذاقت أشد الوان الوجع والتشرد والفقر , غزة المحاصرة ، تعيش حياة لا تتوافر بها الحد الأدنى للكرامة الإنسانية .
الاعمار والتأهيل النفسي للأفراد بعد هذا العدوان الغاشم وقتل الأطفال والشيوخ والنساء ليس أقل أهمية عن إعمار الحجر ، لا أحد يتوقع المعاناة النفسية لهذا الشعب الصامد، ولا من يفكر بجدية أهمية هذا الجانب، لا بل الحديث يدور حول إعادة الإعمار والتكلفة المتوقعة لإعادة المباني والمصانع والجسور والشوارع.. وتتسابق الدول المانحة بنوايا متعددة الأوجه وبشروط وفقا لمصالحها أو خدمة لأجندات أخرى .
البناء العمراني وحده لا يكفي أمام الانهيارات النفسية ما بعد الحرب .. البناء وحدة لا يعيد الأمن والأمان للأطفال ولا يمحو من ذاكرتهم الأصوات والمشاهد المرعبة.
البناء وحدة لا يكفي اعادة البسمة لطفلة فقدت أفراد عائلتها بأكملها لتحتمي بيد اخيها الذي بقي لها السند والظهر ..
البناء وحده ليس بالوسادة الهادئة لأم فقدت ابنائها، والأب الذي فقد جميع افراد اسرته ، وعلى وجهة تعلو الابتسامة وتحمل بطياتها معاني الظلم والقهر والوجع، ليحمد الله على بقاء طفله الرضيع على قيد الحياة ، بعدما دفنت أحلام أسرته تحت الركام ..
البناء وحدة لا يعيد فرحة العيد لأطفال غزة ، وشنطة الكتب المبعثرة تحت الركام ..
كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقاً صغيرا يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود...
.. التأهيل النفسي هو المهمة الأصعب ما بعد الحروب ، والأطفال هم الضحايا ، والأكثر عرضه للإصابة باضطرابات نفسية قادرة ان تقضي على جيل بأكمله ..
أين نحن من أطفال غزة والعراق وسوريا وليبيا ولبنان ..ماذا نتوقع من هذا الجيل الذي ينام على صوت الصواريخ والمدافع ، ويصحو على رائحة الموت والتشرد..
هل تنتظرون من الأجيال القادمة العفو والنسيان والهدوء ، أم كل طفل سيحمل مشروعا خاص به. وتطلقون مسمياتكم كما تريدون ، الإرهابي ، الوطني ، الثائر ، الناقم ..
لا تتوقعون بأجيال قد تنسى ، مهما زور التأريخ من احداث وطمس الحقائق ، فذاكرة الأطفال هي التأريخ والحقائق ..
الأطفال الذين يعيشون تحت ويلات الحروب ووطأة الفقر والجوع ليسوا كأطفال الهمبرجر و play station
قالت غولدا مئير رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي في نكبة فلسطين عام ٦٧ وتهجير شعبها .. الكبار يموتون والصغار ينسون "
وهؤلاء أشبال غزة واطفالها وشبابها هم الذين يخوضون الحرب، هؤلاء هم الأطفال الذين فقدوا احبتهم والعابهم واحلامهم تحت الركام ، هم الجيل الأخطر في التأريخ الفلسطيني ، وربما سيأتي جيل آخر اشد ضراوة وعشق للموت والشهادة ، وهم الذين سيقودون حرب التحرير ،وإن مصير اسرائيل بأيديهم ، لأنهم التأريخ والوطن والأرض والزعتر والزيتون والبحر.. ...اعانكم الله يا أهلنا ويا أحبتنا ..نعلم كم حاجتكم الى الدعم النفسي لمزيدا من الثبات، نعلم أن صبركم قد طال، وانكم سطرتم بدمائكم أروع البطولات، وخذلكم العالم .. لكم الحرية والعزة..
شكرا لكم لأجل فلسطين والأقصى ، فلسطين هي أكثر من ذاكرة ، وأكثر من ولد ، وشجرة زيتون عمرها تجاوز آلاف السنين .. فلسطين هي أم البدايات وام النهايات وتستحق التضحيات ..