صدر حديثا عن دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع كتاب «الرواية الصوفيــة بين سلطة المرجع وسلطة السارد/ رواية طواسين الغزالي لعبد الإله بنعرفة أنموذجًا» للكاتب الأردني مؤيد أحمد عايد الشرعة.
تعد الرواية الصوفية أو العرفانية تجربة روائية مهمة في سياق الرواية العربية، فقد أحدثت هذه التجربة الجديدة نقطة تحول وتطور؛ وذلك لتناولها موضوعا قلّما تطرقت له الرواية العربية، وهو موضوع السيرة الغيرية للشخصيات الصوفية التراثية، فضلاً عن توظيفها لأحداثٍ وشخصيات ورموز ذات بعد تاريخي مثير للجدل، ولعل من أوائل من مهد لهذا الطريق هو الروائي الراحل جمال الغيطاني في عمله المكوّن من ثلاثة أجزاء تحت عنوان «كتاب التجليات» الذي وظف فيه لغة التصوف وأساليب تعبيرها الرمزية، واستدعى شخصيات صوفية وأحداثا مرتبطة بها. والظاهر أن هذا التوجه أخذ يشيع في الرواية العربية، حتى تفرد بعض الروائيين للإبداع في هذا المجال حصرًا، والاشتغال على مشروع روائي يحكي سير كبار الشخصيات الصوفية التراثية من أمثال الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، وابن سبعين، وأبي الحسن الششتري، والجنيد، والغزالي، وسواهم. وصاحب هذا المشروع هو الكاتب المغربي عبدالإله بنعرفة، الذي أصدر حتى الآن ثماني روايات، وأطلق مصطلح الرواية العرفانية على هذا النوع من السرد.
وقد سعى الكاتب في هذا الكتاب للحديث عن الرواية الصوفية أو العرفانية، ومحاولة الوقوف على جمالياتها وخصائصها الفنية التي تميزها عن غيرها من أنساق روائية؛ وذلك لكونها تمثل شكلاً من أشكال التطور الملحوظ الذي طرأ على الرواية العربية، متمثلاً برواية «طواسين الغزالي» الصادرة عن دار الآداب ببيروت، سنة 2011م. وقد شكل فيها الروائي عبد الإله بنعرفة سيرة الإمام الغزالي وشخصيته تشكيلا روائياً، وسيحاول الكاتب دراسة هذه الرواية وتحليلها من زاويتين تتحكمان على نحو جدلي في تشكيل بنيتها السردية، الأولى: المنظور التاريخي لشخصية الإمام الغزالي وسلطته، والأخرى: سلطة السارد ومخياله. وسنحاول البحث في جماليات هذا النمط السردي الجديد الذي يعيد فيه السارد بناء الشخصية التاريخية الصوفية وفق مخياله وزاوية رؤيته، ويبدع الأحداث التي مرت بها والشخصيات التي عايشتها، فضلاً عن دراسة الأمكنة والأزمنة التي تؤطر كل ذلك وتؤثر فيه.