يصادف اليوم عيد ميلاد زوجتي المهندسة عبلة جميل علوش، ابنة المرحوم الفاضل العلامة اللغوي الأستاذ الدكتور جميل علّوش، الذي خلّدت أمانة عمان ذكراه بتسمية شارع من شوارعها على اسمه الكريم، فقد ترك جميل علّوش إرثاً خالداً من الشعر والإرث اللغوي الذي يرتقي بلغة الضاد إلى الذُرى ويَرسم طريقها إلى المجد لما تتمتع به من جماليات وعمق ومعان زاخرة وقوة على التفاعل مع مستجدات التقدم والإبتكارات العلمية والتكنلوجية، وواجبنا العروبي أن نحافظ عليها ونرسخها في نفوس أبنائنا، لأنها عنوان حضارتنا ورمز قوتنا ووحدنا وعنوان وجودنا الذي يشهد على عمق تراثنا وتقاليدنا وعاداتنا العربية الأصيلة التي تُعلِّي من قيم العائلة والأصالة والنخوة والكرم والفضيلة.
في عيد ميلاد زوجتي عبلة أتصور كم تكون الحياة جافة وناشفة وهشّة ومتعرّجة من غير شريك حياة ينبض قلبه بالحب والعطاء والبذل والتضحية، حيث لا يَظهر عُمق هذه المعاني إلا عندما تشتد الرياح وتعلو الأمواج وتضج البحار، فتتحول كلُّ هذه الأعاصير وهذه الرياح إلى سكونٍ وهدوء وطمأنينة في ظل شريك حياة حقيقي يشاركك أفراحك وأحزانك، نجاحك وفشلك، عافيتك ومرضك، هدوءك وعصبيتك، .. وهذا ما يفسر سّر نمو الحبِّ بين الأزواج مع تقدم العمر وليس إنحساره، فالحب قيمة إلهية يعيشها الإنسان ويختبرها بمحبة الله وتنمو مع الإيام وتكبر حتى تصبح شجرةً وارفة الظلال وخيمة كبيرة تجمع تحتها كل معاني الحب والجمال والطيبة والأًصالة والمروءة.
جاء في الكتاب المقدس " من يجد امرأة يجد خيراً وينال رضى من عند الرب"، فالخير وكل الخير يكمن في أزواج نطمئن إليها ونشترك معها ونشاركها في كل شيء، لأن اثنين خير من واحد، وإن كان الرجل هو "الجنّا فالمرأة هي البنّا"، وهذا لا يقلل من قيمة الزوجة كعاملة منتجة ولكنَّ هندسة البيت وجمالَ أعمدته وزواياه لا تكتمل إلا بلمساتها الراقية، فهي الزوجة الفاضلة التي يفوق ثمنها اللآلئ وهي الأم المربية التي تخرَّج أجيالاً وتشكل مدرسة الحياة، وصدق بيت الشعر " الأم مدرسة إذا أعددتها .. أعددت شعباً طيّب الأعراق".
وكم تكون الزوجة عظيمة عندما تكون خير سند ومعين لرسالة زوجها وخدمته من أجل زرع المحبة بين الناس ورعايتهم روحياً وتفقد أحوالهم والمساهمة في تنمية المجتمع فكرياً وثقافياً وتربوياً وإجتماعياً. فلربما لا نرى هذا الدور آنياً، لكننا نتيقن لاحقاً أن صخرة كبيرة تسندها أحياناً صرارة صغيرة، والعمل الناجح لا يتأتى إلا بتوفير أجواء من المحبة والثقة والتقدير والإحترام المتبادل. في عيد ميلادك أدعو لك ببركة الرب وأهديك أجمل كلمات الحب والوفاء.
هذه أفكار خطرت ببالي في صبيحة عيد ميلاد زوجتي الحبيبية عبلة وأهديك بيت شعر من معلقة عنترة بن شداد: