اضطلع الجيش الاردني خلال العقود الماضيةِ بادوار بالغة الحساسية في حفظ السلام في العديد من مناطق التوتر والنزاعات في عدة قارات. ولأن اداء الجيش الاردني كانا فعالا ومنضبطا باعتباره جيشا وطنيا يحمل رسالة أُمةٍ بُعثَ نبيها ليتمم مكارم الاخلاق، وجيشا يتمثلُ ويُمثلُ ضمير الشعب الاردني بشمائله الجمة، رفع خلالها العلم الاردني واسم الاردن عاليا براقا حيثما حل، فقد حظيت قواته بمحبة الشعوب التي عمل بها، واصرارها على بقاءها اطول فترةٍ ممكنةٍ، في الوقت التي كانت تضج الارض ومن عليها من سَفهِ قوات تنتمي لدول أخرى جاءت بلا رسالة حضارية، وإنما قوات غزو اولوياتها اغتصاب النساء ونهب الاموال والتعدي على كرامة المواطنين وانسانيتهم.
وتذكرنا الاحداث الحالية في جمهورية هايتي بالحقائق التي بينتها. فلقد نعم شعب تلك الدولة بالاستقرار والامان خلال الفترة التي تواجدت فيها قوات حفظ السلام الاردنية ابتداءاً من عام ٢٠٠٤. حيث عادت القوات الاردنية بعد أن هدأت الامور وتم انتخاب رئيس شرعي للبلاد.
الا أن الاستقرار والامن لم يستمرا طويلا بسبب تكرر الانقلابات وحركات التمرد، الى ان انتهت باغتيال رئيس الجمهورية قبل عدة ايام على يد عصابة ينتمي أفرادها لعدة دول مجاورة.
في اعقاب جريمة قتل رئيس الجمهورية المنتخب واحتمالات انهيار الدولة، استنجدت حكومة هايتي بالولايات المتحدة الامريكية وكولمبيا لارسال قوات لحفظ الامن والسلام ومنع الانحدار مرة اخرى في مستنقع العنف، الذي من المتوقع ان يدمر البنية التحتية والزراعة التي يعتمد عليها غالبية الشعب الفقير في معيشتهم. وقد اعتذرت هاتان الدولتان. حيث أن الحكومة الامريكية اصبحت مصممةً على وضع حد لمغامراتها العسكرية الخارجية وإعادة معظم قواتها باستثناء تلك التي تحافظ على المصالح الحيوية لامريكا وليس المصالح الحيوية للاخرين حتى تلك التي تعود لاقرب اصدقائها التقليدين الذين اعتمدوا لعقود طويلة على حمايتها من خلال تواجدها في قواعد عسكرية في تلك البلدان.
رفضُ الولايات المتحدة وكولمبيا لطلب هايتي دفع الحكومة الهايتية الى الطلب من مجلس الامن الدولي لارسال قوات دولية لحفظ السلام والاشراف على إجراء انتخابات رئاسية خلفا للرئيس الذي تم اغتياله.
أمام هذا الوضع فإن الفرصة اصبحت متاحة لمشاركة قوات اردنية في هذه المهمة بناءاً على طلب من مجلس الامن، خاصة وان الجيش الاردني يتمتع بمعرفة لواقع تلك البلاد وخبرَ مناخها وتركيبة شعبها وجغرافيتها وتاريخها الذي يشهدُ لشعب خُطِفَ من افريقيا ليعمل عبيداً في مزارع الاسبان والفرنسيين الا أنهُ استطاع هزيمة الجيش الفرنسي مرتين واجبر الحكومة الفرنسية على منحه الاستقلال لتكون هايتي اول جمهورية سوداء في التاريخ الحديث.