يطلع من بين ظهرانينا أناس يدَّعوا انتسابهم لهذه الأمة ويظهروا حرصهم على مصلحتها وهم يلبسون مسوح الضأن على قلوب الذئاب، وقد تجرأ بعضهم بالافتراء على العقيدة والتهجم السافر وغير المسبوق على نُسُك الأضاحي واعتبارها اعتداءات على أرواح بريئة والتسبب في اختلال توازن الطبيعة والاستقرار البيئي.
انا لست عالما وبالتالي لن أتطرق إلى أمور الشريعة وقضايا الفقه والفتاوى، ولكن من حقي كمسلم أن أدلى بدلوي في مثل هذه المواقف التي تمس لا بل تفتئت على العقيدة والدين ما ليس فيه.
أقول لمن يحمل هذه الأفكار العقيمة، أنا اعرف جيدا أنكم تحملون ثقافة غريبة علينا ونعلم أن هذه الهرطقات التي نسمعها يراد بها تشويه صورة الدين الإسلامي والمسلمين من جهة وإرسال رسالة إلى الجهات التي تُصْدُر لكم شهادة حسن السلوك لكي تظفروا برضاهم وتكسبوا دعمهم سواء كان ماديا أو معنويا على نظرية صراع البقاء.
إذا كنتم تدَّعون الشفقة على الأنعام التي تذبح في أيام العيد وتعتبروها إبادة ووحشية، فأقول أن ما يقوم به المسلم من ذبح للأضاحي هو مبين ومفصل في الشريعة السماوية كما ورد في القرآن والسنة النبوية الشريفة، ويتم بطريقة علمية تجنب الحيوان المعاناة حتى أن الشاة لا تذبح أمام الأخرى.
أن ذبح الأضاحي أيام عيد الأضحى يشكل مناسبة اجتماعية وإنسانية وفرصة للتكافل المجتمعي بحيث أن هذه اللحوم أو معظمها يذهب لإطعام الفقراء والأسر العفيفة إلى حد أن المجتمع بأكمله في هذه الأيام يتناول نفس الطعام سواء كان غنيا أو فقيرا.
وددت أن تلتفتوا إلى ملايين الحيوانات التي تذبح في شتى أنحاء العالم بطرق وحشية إما بالصعق أو بالضرب بكتل حديدية أو بأدوات حادة على الدماغ أو بالخنق أو باستخدام العيارات النارية وهذا يشكل تعذيبا للحيوان عداك عن إطعام البشر لحوما محملة بالشوائب مثل الدم الفاسد وربما تكون غير صالحة للاستهلاك البشري.
ومن المفارقة أنكم تبدون الشفقة على الحيوانات وكان الأجدر والأولى أن تبدوا الشفقة على ملايين الضحايا البشرية التي أزهقت أرواحهم على أيدي من تربيتم في أحضانهم وتحملون ثقافتهم وتتباهون بها وتدافعون عن قيمهم المزعومة ذات المعايير المزدوجة والتي من خلالها يتعاملوا مع بعض الشعوب بمستوى أدنى من الدواب والأمثلة أكثر من تحصى، كما حصل في اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، وفيتنام وصربيا والبوسنة والهرسك وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وغيرها.
أن هذه المجتمعات التي صدعتم رؤوسنا وان تسبحون بحمدها لن يستمر ودها لكم إلا بقدر ما تتنكروا لامتكم وتاريخها وقيمها النبيلة التي شكلت وتشكل الوعاء الكبير الذي يستوعب الجميع دون إفراط أو تفريط.
نسأل الله تعالى أن يهديكم إلى الحق ويبصركم به، وإنني أجزم أنكم لو أبصرتم الحق وعدتم إلى جادة الطريق للفظتكم هذه الجهات الداعمة وتخلت عنكم وللقطعة حبال مودتها لكم حتى لو كنتم وسط بئر التيه.
خالد عواد الخزاعلة. ٢٣ تموز ٢٠٢١
ملاحظة أرجو ممن يريد التعليق أن يتجنب التجريح أو التعرض للأشخاص بذكر الأسماء