احتفت مؤسسة عبدالحميد شومان بإشهار كتاب "عامان من العزلة”، لمدير عام مركز الحسين للسرطان الدكتور عاصم منصور، وذلك مساء أمس الاثنين في قاعة منتدى عبدالحميد شومان الثقافي في عمان.
ووفقا لبيان صحفي صادر عن المؤسسة، اليوم الثلاثاء، أقيمت ندوة حوارية لمناقشة الكتاب، أدارها الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية الدكتور محمد أبو رمان، شارك فيها أستاذ علم الفيروسات في كلية الطب بالجامعة الأردنية الدكتور عزمي محافظة، والمتخصص في الصحة النفسية والأسرية الدكتور خليل الزيود، والمديرة التنفيذية لمعهد السياسة والمجتمع الدكتورة رشا فتيان، حيث لفت الدكتور منصور إلى العجز الذي واجهه العالم لمواجهة جائحة كورونا وفيروس كوفيد 19.
وقال "حاولت من خلال عمل "عامان من العزلة” تسليط الضوء على مرحلة مهمة عشناها جميعاً، وما زلنا، منذ البدايات لانتشار الفيروس، ولم يقصد منه أن يكون تأريخاً للجائحة، فما زال الوقت مبكراً على أن نؤرخ لها، ونحن لا نعلم بعد أبعادها كافة، كما لم يقصد منه أن يكون تأصيلاً علمياً لأسبابها، فلست صاحب اختصاص في ذلك، وإنما هذا الجهد المتواضع جاء لتسليط الضوء على الجوانب المختلفة للجائحة وتأثيراتها، وتداعياتها على مختلف مناحي الحياة، كما حاولت استنطاق التاريخ لاستخلاص بعض الدروس والعبر واستقراء مآلاتها”.
ولفت الدكتور محافظة إلى أن الكاتب كان جريئاً في نقد الإجراءات الحكومية، خاصةً تلك التي طُبّقت في البداية من إغلاق وسياسة الحجر المؤسسي والعزل في المستشفيات والفحوصات العشوائية وعزل الأحياء والعمارات والتي أثبتت جميعاً عدم جدواها، والأهم التنبيه إلى خطورة التركيز على الجائحة ونسيان وإهمال باقي الأمراض، وإغلاق المراكز الصحية والعيادات، مما أدى إلى حرمان مرضى الحالات المزمنة والسرطان من الرعاية والمتابعة اللازمة، وتأثرْ برامج مهمة مثل برنامج التطعيم الوطني وبرنامج البصمة الوراثية سلباً.
وقال إن الكاتب برع في وصف المزاوجة بين العزلة والمواجهة، فقد قبل الناس خوفاً أو هلعاً سياسة الإغلاق في بداية دخول الوباء للأردن، ولكن سرعان ما تكشف للناس عدم جدوى الإغلاق، إذ تبين أن الأمر لم يكن محسوباً بدقة، خاصةً في ضوء عدم توفير متطلبات الحياة الأساسية، كما انتقد التسرع الأردني في إعلان النصر على الفيروس قبل انتشاره مجتمعياً، مما يشير إلى جهل في طبيعة الأوبئة وسلوكها، ولم يفت الكاتب التلميح إلى أن سياسة الإغلاق كانت رد فعل غير محسوبة بدقةٍ وحكمة، وربما دون قناعةْ، مفصلاً بنظرة واقعية التعامل مع الوباء وإدراك طبيعة الفيروسات، وبالتالي مستقبل المرض وحتمية وسبل التعايش معه.
بدوره، أشار الدكتور الزيود الى أن الكتاب أجاب على الكثير من الأسئلة الملحة في أذهان الناس، كموضوع المطاعيم وكيفية إنتاجها والإغلاقات وفائدة الإجراءات الوقائية والتجارب العالمية في التعامل مع الفيروس، داعيا إلى ضرورة قراءة الكتاب للاستفادة من محتواه القيم.
وتحدث الزيود عن دور وسائل التواصل الاجتماعي وطرق التعامل مع تداعيات الجائحة والترويج للقضايا الإيجابية، وكذلك السلبية أيضا فيما يتعلق بالفيروس وانتشاره، مثلما تطرق إلى نقص الكوادر الطبية والتمريضية في المستشفيات، وطريقة مخاطبة الناس والتي اعتمدت على بورصة الأعداد دون التطرق إلى احتياجات الناس، وعدم الاهتمام بالصحة النفسية عند مخاطبة الناس، وخاصة كبار السن.
وأشار إلى أن لجنة الأوبئة واللجان الأخرى لم يكن بين أعضائها أخصائيين نفسيين للاهتمام بهذا الجانب، مؤكدا أن الكثير من الأمراض والاضطرابات النفسية تكون مصاحبة لمثل تلك الأوبئة.
من جهتها، أشارت الدكتورة فتيان إلى تميز الكتاب من حيث ربطه السلس الواقعي لمآلات الجائحة الصحية من نواح اقتصادية ونفسية واجتماعية وسياسية، منوهة بأن "عامان من العزلة” يأتي كإحدى الإصدارات العديدة التي يعمل عليها المعهد مع مجموعة مميزة من الخبراء والباحثين والأكاديميين والتي تنسجم مع طبيعة الأهداف والرؤيا والرسالة التي يحملها المعهد، والتي تحرص من خلالها على تجسيد مفهوم الحوار والتعددية على أرضية توافقية مجتمعية وتعزيز ثقافة الاعتدال والوسطية وسيادة القانون والحوكمة الرشيدة وتطوير الحياة الديمقراطية.
وكان الدكتور أبو رمان أشار، في بداية الاحتفائية، إلى أن الدكتور عاصم يذكرنا من خلال الكتاب بالعديد من القضايا على مختلف الأصعدة الطبية والنفسية والمجتمعية والاقتصادية، مبينا أن الكتاب كشف عن قلم أديب ومثقف ومطلع على جوانب عديدة، ولديه إحاطة بالعديد من القضايا الطبية والمجتمعية والسياسات الدولية والاقتصادية والأيدولوجية.
ونوه الى أن كتاب "عامان من العزلة” يعد إضافة نوعية إلى المكتبة الأردنية، إذ أنه يقدم إطلالة مهمة جدا على العديد من القضايا في السياسات الأردنية خلال التعامل مع الجائحة.