ينظر المراقبون والمحللون للإجتماع الذي جمع مدير المخابرات بعدد من الإعلاميين على أنه مجموعة من الخطوات الضرورية في الإتجاه الوطني الصحيح ،ويأتي اللقاء في سياق استمرار العمل بخطى ثابتة في إنجاز عملية التطوير والتحديث ليبقى جهازا عريقا في طليعة الأجهزة الاستخبارية قدرة وكفاءة وتميزاً كما أراده جلالة القائد بعدما نأى بعض مدراء المخابرات السابقون بأنفسهم عن الانفتاح العلني والإلتقاء بالفعاليات الإقتصادية والسياسية والإعلامية لرسم صورة حقيقية عن معاناة المواطن والمستثمر والاعلامي ،ووضع الحلول الناجحة لتحسينها حيث وصل بعض الاعلاميين لحاله من تضليل الرأي العام وتجنب كشف الحقائق بل إخفائها وتقهقرهم الواضح أمام المحركات الإعلامية الغاشمة في الدفاع عن الوطن والمواطن وحتى الملك بما في ذلك إعلام الديوان الملكي وهيئة الاعلام المنشغلة بتكميم أفواه الإعلاميين.
وأعتقد أننا بحاجة لتحرير الإعلام عامة ليمارس دوره الوطني الصحيح في كشف الحقائق ،فقد لعب بعض القادة الأمنيون السابقون أدواراً في تقزيم دور الإعلام وإحراجه أمام المواطنين و تنمية الفساد ،وتحويل التزوير إلى ثقافة ،وقتل الإقتصاد وبناء المصالح ،ومنهم من نال عقابه ،ومنهم من فر من العقاب ،ولن أتحدث عن مجريات لقاء الباشا بالإعلاميين ،فلا يمكن لمدير مخابرات وهو من يدير أضخم جهاز معلومات أن يتحدث عن أي سر من أسرار الدولة بصفتها ملك للدولة ،وقد يؤثر كشفها تأثيراً سلبياً على مجريات الأمن القومي الأردني وحتى العربي.
فهنالك دوما حاجة لترويج بعض المعلومات المعززة للأمن وأحيانا هنالك ضرورة لإخفاء معلومات بشكل تام ولنفس الغاية ،ويمكن تصنيف مدير المخابرات بأنه لاعب شطرنج ماهر حقق فوزاً ساحقاً في العديد من الجولات الاستخبارية التي شارك فيها وخسر القليل منها ،فلا يوجد في علم الإستخبارات من يكسب كل الجولات ولا من يخسرها دوما ،ويعد لقاء الباشا مع الإعلاميين انفتاحاً استراتيجياً اذا خطط له أن يكون متبوعا بسلسلة مستمرة من اللقاءات التنفيذية مع مفاتيح الفعاليات السياسية والحزبية والإقتصادية والإستثماريه لإشعارهم بنوع من الراحة والطمأنينة ،والدعم في مواجهة المستقبل المجهول بعد حالة من الركود والانكماش الواضح في العلاقات الأمنية بالنخب المختلفة.
ونرجو أن يكون للمخابرات دوراً مستقبلياً فاعلاً في محاربة الفساد وتعزيز الإقتصاد من خلال محاسبة عاجلة و عادلة لكل مسؤول يخالف أو خالف القانون ودعم الفساد مع ضرورة المباشرة برد الإعتبار لشرفاء هذا الوطن الذين جرى إغتيالهم بمساعدة المخابرات والزمر الفاسدة من المسؤولين إرضاءاً لمراكز المال والنفوذ ،فأصل البلاء في الأردن هي التعيينات السلبية القائمة على الواسطات والمحسوبيات ،واستبعاد أصحاب الخبرة والكفاءة ،وهذا الجانب المهم يقع في نطاق مسؤوليات الدائرة التي تمتلك مختلف أشكال المعلومات والحقائق لرفض أي شخص غير مناسب لأي وظيفة ،ويحاول الهبوط بالبراشوتات.
لذلك نحن سعداء بهذا اللقاء ،وسعداء لسماع مصطلح دولة القانون والمؤسسات بعد غياب طويل وتعطل العمل به لفترة من الوقت ،وسنكون أسعد باستمرار هذا الحوار مما سيثري أنظمة المعلومات في الدائرة ويجعلها أقوى وأفضل مما هي عليه الآن ،وسيعزز أيضاً من فرص نجاح تنفيذ مخرجات لجنة الاصلاح التي نترقبها ،وسيدعم مفاهيم النزاهة والشفافية ومؤشرات الأداء أينما وجدت.
ونتمنى المزيد من هذه القفزات الوطنية ،والتي بدأت بقفزة لقائد أمني جريء ينشد الإصلاح والتغيير للأفضل في حين ما زالت الحكومة لا تتقن هذا النوع من القفز الوطني ،فهي تفضل الهرولة وتتحاشى مواجهة معيقات النهضة والتطور.
مسجلين اعتزازنا وفخرنا بأجهزتنا الأمنية وجيشنا العربي الباسل.