في مضارب قبيلة بني صخر ... ولد فارسنا عام 1964، لم يولد وفي فمه ملعـقة من ذهب، ولم تكن الجادة أمامه لينة وطيئة، عانى كأبناء جيله من قسوة الحياة، ومسه شظف العيش ولعله من الندرة من أبناء جلدته .... ممن طرق باب كلية الشريعة عن رغبة وقناعة ... بعد أن حصل على المرتبة الرابعة على مستوى المملكة في الثانوية العامة، ليستهل حياته العملية إماما وواعظا.
أبو الحارث... العضو المؤسس في حزب الشراكة والإنقاذ ، وأحد مؤسسي جبهة العشائر الأردنيه ، حفر بصماته في الساحة الوطنية، واخترق الساحة الأدبية والشعرية بكفاحه ونبوغه، وسحر بيانه، وبراعة يراعة، وعذوبة حرفه بتدفق قلمه السيال، وبعـصاميته الفريدة تمكن من ملء مكانه عن جدارة واقتدار، وليس من السهل جمع قصة حياته في سطور، فهو قامة شاهقة لها ألق النخيل، ومنبع ننهل من فيضه الجم القراح.
فلاح الاديهم... البدوي المعتق، الذي لفحت جبينه شمس الصحراء، فحمل نقاءها وصفاءها، وأخذ من البداوة فروسيتها واعتدادها، يمتاز بهدوء فطري، تختبئ خلفه المهابة والرجولة، ولعمري حين يبدع بقصيدة كأنه بلبل يصدح، لقد حباه الله صوتا شجيا إن تحدث لا تملك إلا أن تشنف أذنيك مستمعا.
ولعله من القلة القليلة التي لم تتملق ولم تتشدق، فهو في سلوكه وفكره وتعامله غاية في التواضع، وتواضعه ليس أقل من اعتداده بنفسه، ورقة حاشيته ليست أدنى من حدّة هجومه، تعلم الكثير من الحياة، فصاغ حلوها ومرّها مبادئ يرتكز إليها، ومنهجاً لا يحيد عنه، فهو إنسان قبل أن يكون شاعرا، وشاعر قبل أن يكون أديباً ومفكراً، ومعلم قبل أن يكون أستاذاً، بل هو كل هذا وذاك... مرايا متعددة متقابلة، تنعكس على بعضها البعض فيكون لها وهج الدلالة، ينساب نهر أفكاره وإبداعه على صفحات الحياة، فيوشحها بورود مزهرة، وأشجار باسقة تمدّ ظلالها للكثيرين، لغته السردية، وأسلوبه في الكتابة يقربانه من نفس القارئ، فتبدو كثير من مؤلفاته، لا سيما في مجال الشعر، والمقالات السياسية الناقدة الهادفة، أشبه بلوحات فسيفسائية مختلفة.
أستاذي العزيز أبا الحارث... سيبقى اسمك محفورا في الذاكرة، وفي لوحة شرف القبيلة، مع خالص التحية والاعتزاز.