المناضلة تيريزا هلسة ولدت تيريزا هلسة في عكا عام 1954، لعائلة أردنية مسيحية تعود أصولها لمدينة الكرك الأردنية، حيث كان والدها قد انتقل من مدينة الكرك إلى الأراضي الفلسطينية في عام 1946. قضت تيريزا طفولتها وبداية شبابها في مدينة عكا الفلسطينية، وهي المدينة التي خضعت للاحتلال الإسرائيلي عام 1948. وبعد أن أنهت الثانوية العامة في عكا، انتقلت لدراسة التمريض في المستشفى الإنجليزي في مدينة الناصرة.
كانت النقطة المفصلية في حياة تيريزا، بحسب ما ذكرت في عدة لقاءات، هي حادثة وقعت في عكا، عندما قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية باعتقال فلسطيني من أبناء عكا، والذي توفي لاحقاً تحت التعذيب، ومنعت السلطات الاسرائيلية عائلته آنذاك من الاطلاع على جثته، خوفاً من كشف آثار التعذيب عليها، بعد هذه الحادثة، وفي نهاية عام 1972، قررت تيريزا مغادرة الأراضي الفلسطينية، بصحبة زميلة لها في الدراسة، إلى الضفة الغربية ومن ثم إلى لبنان، وبدون علم عائلتها. في لبنان انضمت إلى منظمة فتح ومنظمة أيلول الأسود، وهي منظمة أنشئت في بداية السبعينات، في أعقاب الصدامات التي وقعت بين الفصائل الفلسطينية والجيش الأردني، وأدت إلى خروج الفدائيين الفلسطينيين من الأردن إلى لبنان.
في أيار من عام 1972، شاركت تيريزا هلسة في عملية اختطاف الطائرة البلجيكية سابينا، التي كان من المقرر أن تكون رحلتها من فيينا إلى تل أبيب، وكان على متنها 140 اسرائيلي، وكان بصحبتها ثلاثة فدائيين آخرين، لا يملكون إلا مسدسين وقنبلتين يدويتين وحزامين ناسفين. علماً بأنَّ أفراد المجموعة لم يعرف أحدهم الآخر إلا ليلة التحرك لتنفيذ العملية، وكان الهدف من العملية تبادل الرهائن بأسرى فلسطينيين وأردنيين. اقتادوا الطائرة إلى مطار اللد (تم تغيير اسمه لاحقاً لمطار بن غوريون)، وعند وصولها للمطار أبلغ قائد المجموعة علي طه برج المطار باستيلاء منظمة أيلول الأسود على الطائرة، وأبلغوهم بطلب المنظمة الافراج عن 100 أسير خلال عشر ساعات، والا سيقومون بتفجير الطائرة بمن فيها، وأُعلموا بأسماء الأسرى المطلوب الافراج عنهم.
في أثناء المهلة، قام وزير الدفاع الاسرائيلي آنذاك موشيه دايان، ورئيس هيئة الاركان دافيد اليعازر، وشمعون بيريز وزير المواصلات، بالتفاوض مع المجموعة من خلال برج المطار، وحرصوا على المماطلة لكسب الوقت، ريثما يتم إعداد خطة لاقتحام الطائرة، وقدم الصليب الأحمر الدولي عرض للتوسط لدى السلطات الاسرائيلية بتنفيذ طلبات المجموعة. ثم طلبوا السماح لهم بإدخال الطعام والماء لركاب الطائرة فتم الموافقة على طلباتهم. لكن العملية فشلت بعد اقتحام مجموعة من القوات الإسرائيلية، من بينهم رئيس وزراء إسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو، وذلك بعد أن تنكروا على هيئة أعضاء في الصليب الأحمر الدولي. فقد وصلوا الى الطائرة بسيارات الطعام، وحين فتحت الأبواب وأثناء إدخال صناديق الطعام، اقتحم الجنود الإسرائيليون الطائرة واشتبكوا مع المجموعة.
ورغم كل الدلائل التي تشير إلى فشل العملية، رفضت تريزا وزملائها الاستسلام دون مقاومة، فأصابت تيريزا نتنياهو بالرصاص في كتفه أثناء الاشتباك. وأدت العملية في النهاية إلى استشهاد الفدائيين علي طه وزكريا الأطرش، وإصابة وأسر تيريزا هلسة ووريما عيسى. واتهمت منظمة أيلول الأسود منظمة الصليب الأحمر، بالتآمر عليها ومساعدة السلطات الإسرائيلية، حكمت محكمة الاحتلال على تيريزا هلسة بمؤبدين وأربعين سنة إضافية، وعلى ريما عيسى بالمؤبد. ولكن أطلق سراحهما في تبادل للأسرى في عام 1983. إلا انه تم منع تيريزا من دخول الأراضي الفلسطينية حتى وفاتها.
بعد تحريرها عُرضت عليها الجنسية من قبل عدة دول عربية، لكها رفضت مغادرة وطنها الأم الأردن، والتي عاشت فيها برفقة زوجها وأبناءها الثلاثة حتى وافتها المنية، صرحت تيريزا هلسة باستمرار بأنها غير نادمة إطلاقاً على انخراطها في الكفاح المسلح، وأكدت دائما على حق المرأة في المقاومة بالصفوف الأمامية. رحم الله المناضلة تيريزا هلسة التي أثبتت بأن المرأة ثورة بحد ذاتها.