انطلاقا من أهمية مفهوم التربية عموما، ومؤسسة التربية والتعليم خصوصا، إضافة إلى أهمية القائد التربوي في تطوير النظام التربوي، يجترح الأديب والكاتب د. حسين العموش دراسة جديدة لتسلط الضوء على الجوانب العامة في شخصية المربي الفاضل ذوقان الهنداوي، وذلك من خلال كتابه الجديد (الأستاذ ذوقان الهنداوي)، الصادر حديثا عن دار وائل للنشر في عمان.
ويقدم د. العموش من خلال الكتاب تعريفا بإنجازات الهنداوي، وإسهاماته خلال فترة توليه لوزارة التربية التعليم، حيث تولى حقيبتها الوزارية أربع عشرة مرة خلال أربعة عقود من الزمن.
وبحسب د. العموش فإن المربي الهنداوي كان رحل عن الحياة بعد أن ترك وراءه إرثا مطروحا للدراسة والتحليل والنقد والتمحيص، «وعليه فإن الغرض من هذا الكتاب هو استقصاء الإنجازات التربوية التي تحققت في الأردن خلال فترة تولي المربي ذوقان الهنداوي حقيبة وزارة التربية والتعليم الأردنية».
أما أهمية الكتاب فتأتي من كون الكتاب الأول من نوعه الذي يشخص إنجازات قيادة تربوية أردنية، لتعطي مثالا للباحثين الآخرين في تناول مثل هذه الدراسات. إضافة إلى استقصاء الدراسات التربوية تحليلها التي تحققت في عهد أحد المربين الذين تولوا قيادة وزارة التربية والتعليم، وذلك بتقديم صورة واضحة لإنجازاته المتفق عليها، وإنجازاته المختلف عليها. كما أن الكتاب يقدم صورة لتطوير السياسات التربوية خلال أربعة عقود من تاريخ المؤسسة التربوية في الأردن.
ويؤكد مؤلف الكتاب أن «الناظر والمتابع للعملية التربوية في الأردن، يستطيع أن يؤكد أن إنجازات وزارة التربية والتعليم خلال فترة تولي المربي ذوقان الهنداوي لها، وإسهاماته فيها، كانت لها الفضل في إحداث نقلة كمية ونوعية للتربية والتعليم، وذلك لعدة اعتبارات، من بينها: أن قرار القيادة الهاشمية باختياره وزيرا لقطاع التربية والعليم قرار حكيم، ولم يأت من فراغ، بل جاء لتحقيق وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وفي المراحل المناسبة، وقد كان المربي الهنداوي أنسب الأشخاص لهذا المكان، وفي فترات مفصلية من تاريخ تطوير الأردن الحديث، كما أن قرار اختياره أربع عشر مرة وزيرا للتربية والتعليم، يؤكد الثقة الواعية للقيادة الهاشمية بالشخصية الإبداعية المتمثلة في المربي الهنداوي».
ويضيف د. العموش: «مهما يكن من اختلاف في من يُنسب إليه الفضل في تطوير التربية والتعليم في الأردن، يمكن القول إن الوعي التربوي الذي انعكس للوجود التربوي، وفي الوقت ذاته فإن الوجود أو الكيان التربوي انعكس للوعي التربوي؛ ما يشير إلى أن مكونات الوعي التربوي في شخصية المربي ذوقان الهنداوي أضفت خصوصية على النظام التربوي في الأردن، وذلك من خلال الإنجازات والإسهامات والبصمات التي تركها في الجسم التربوي ماثلة للعيان، والتي سيتم التحقق من مصداقيتها لاحقا».
وبعد أن يستعرض مؤلف الكتاب سيرة المربي الهنداوي يبين أن المربي الراحل كان يتمتع بشخصية إبداعية، تتوافر فيها السمات الشخصية والنفسية الخاصة لهذه الشخصية، فقد جمع المربي في شخصيته ركن الأصالة والمعاصرة في آن واحد، والموازنة بين الوطنية والقومية والإنسانية، كما اشتملت على مستويات عالية من دافعية الإنجاز، بخاصة النزعة نحو تحقيق النجاح في الأداء بثقة واقتدار، كما أنه من الأشخاص الين كرسوا أنفسهم للعمل الجاد بدافعية ذاتية، ووهب حياته للعمل لفترات طويلة، وتمتع بامتلاك خلفية واسعة وعميقة في حقول معرفية مختلفة، واتسم بمرونة التفكير ومستويات عالية من تقدير الذات وتأكيدها في كافة المواقع التي تبوأها، كما تميزت شخصيته بقوة الإرادة واحترام المطالب الاجتماعية والطموح، وبهذا فقد تمتعت شخصيته في التآلف بين المكونات المعرفية والسلوكية والانفعالية، والدليل على ذلك الاتزان في قراراته ومواقفه وعلاقاته مع نفسه ومع الآخرين، كما اشتملت شخصيته على الموازنة بين الإمكانات والواقع والطموح..».