تتعاور بعض أقلام المفسرين بين فترة وأخرى ،وتطل برأسها على المصطلح السياسي "الهوية الوطنية الجامعة "ونسمع أحيانأ أخرى أصواتاً تتعالى عليه ، وتضع الناس في دوامة الحيرة ودواليب الظّن ،وتأخذهم صوب دوائر الشك والريبة ،وتدور بالناس في أفلاك تفسيرية وهمية ومدارات تأويلية خيالية لا أساس لها في بيت الحقيقة والتاريخ والذاكرة الوطنية أية ذِكر أو أية حضور .
وفي رِواقٍ آخر ،ما يطرحه هؤلاء لا يحمل في طياته أملاً باستشراف مستقبل الوطن ،ولا بنهضة شبابه وشاباته ومشاركتهم باتخاذ القرار وصناعته ؛إذْ إنه يؤسس لثقافة التوّجس والخوف ، ويرميهم في أحضان خطاب الكراهية والبغضاء ومدارج الظن والإثم والشك المستمر ،ويؤلب الناس على الوطن ومؤسساته وشخصياته وخيراته ،ويقتل لديهم الإبداع والإنجاز والعمل ، ويرسم أمامهم السوداوية والتشاؤم ،ويصنع أمامهم كالحداد سداً منيعاً ،لا أما ولا رجاء منه، ويوّسع الشُّقة بين المواطنين و دولتهم الراسخة ، إضافةً إلى ما تقدم تفتح تفسيراتهم المضللة" مطارات "من عدم الثقة واليقين والمصداقية بين المواطن والدولة .
فهل قطع دولة سمير الرفاعي قول كل خطيب ،وأنهى الجدل البيزنطي الدائر رحاه لدى ثلة من المفسرين والخطباء،كما قطعت على حدِ قول العرب "وجيزة "كلامَ كل خطيب "؟؟؟
وعليه ،رجل الدولة والميدان والحوار المثقف والسياسي
يقطع الطريق وحمّى الشطط والتفاسير على كل خطيب ومفسر حينما تابع كل أقوالهم التي تتعارض مع وطنيته من جهة ، ووطنية أعضاء اللجنة العامة والفرعية ، واستطاع قطع دابر الخوف من القادم ، ويُنهي من الطفيلة الهاشمية كل الهواجس والتفسيرات وشططها ، وما توصلت إليه دوائر مُخيلاتهم الحالمة وأبعد من ذلك .
حينما يؤكد -بتقديري الجازم -على أنّ الهوية الوطنية الجامعة هي الهوية الأردنية الأصيلة المبنية على أساس المواطنة الفاعلة ،والعدالة والمساواة في ظل القانون والدستور ومنظومة الحقوق والواجبات .
ويُبدد كل مشاعر الخوف والتحسب حينما نفى علاقة المصطلح ووظيفته وقيمته بمسألة التوطين أو الوطن البديل أو إلغاء حق العودة أو تجاوز قرارات الشرعية الدولية والتفاهمات والاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية أو الحل النهائي على حسابنا أو استهداف أي من عناصر مجتمعنا الأردني ونسيجه المترابط ، وكل من يعتقد بأن المصطلح السياسي نفسه يربطه بمسائل التوطين وما يتبعه فهو محض افتراء واعتساف وظلم وتجني ،وتُهم باطلة لا أساس لها من الصحة ،وهذه رسائل تطمينية حقيقية أساسها حقيقي ودقيق وصادق .
ويبثُ لنّا دولته من عنديات سياسته الحكيمة ما يُبعد كل الظّنون والشكوك ،فلو حكّم هؤلاء الذين يفسرون، ويطلقون أحكاماً عشوائية ،حكّموا بعض مطلقي الشائعات ضمائرهم ،واطلّعوا على نص وثيقة اللجنة ،وما شملته ،وإنّا ما وجدنا جميعًا أنفسنا نخوضُ هذه المعارك الدونكيشوتية بدل الإنخراط في العمل لبناء المستقبل الأفضل.
ومن أروع صور أمانة المسؤولية الوطنية والحس الوطني الراسخ التي تحلى بها وبه دولته أنه يرفض رفضاً قاطعاً في خضم سؤال المصطلح السياسي نفسه،تشديده على أنه من غير المقبول أن نُزاود على بعضنا البعض ،وأن يزاود أحد على اللجنة الملكية و وطنية أعضائها ،وكذلك من غير المفهوم الخوض في هذا النقاش بعد اللاءات الملكية الثلاث الواضحة ، والموقف الملكي الصلب ما يعرف بصفقة القرن وموقف الإدارة الاميركية السابقة.
وأيضاً ، وما يحسن قوله في هذا السياق أنّ اللجنة استندت في عملها إلى ثوابت الدولة الأردنية وهويتها العربية والإسلامية ،فما بعد هذه المواقف السياسية والفكرية والايدلوجية أنتم قائلون آيها المفسرون ؟
برأيي أن الأصل في منطق الأشياء من هؤلاء دفع عربة المسيرة إلى الأمام أفضل من وضع العربة أمام الحصان ، هذا السلوك الوطني السليم بدلاً من إشغال الناس وإرباك المجتمع وزعزعة استقراره ونهضته في بداية مئويته الثانية المجيدة ، هل نحتاج إلى مثل هذه الدوامات والإبحار في فهم المصطلحات والمفاهيم وآفاقها كيفما نشاء ،أم نحن نحتاج إلى ما هو مفيد في هذه الظروف الصعبة ؟
وفي تقديري ،بعد هذا التوضيح نكن قد شربنا من رأس النبع ،وهو دولة سمير الرفاعي ،رئيس اللجنة الملكية ،ولم نشرب من غيره ،ولا حتى سمعنا من غيره،الذي قطع كلام كل مؤول ومفسر وخطيب ،وبدد كل المخاوف والهواجس ،ويكون بهذا قد "أقمرَ ليلُهُ".