بعض الكلمات وبعض الجمل لا يكون وقعها عادياً على مسامعنا، إذ لبعض الكلمات ولبعض الجمل وقع خاص وتأثير كبير، وقد يكون لها فضل كبير في التأثير الإيجابي في حياتنا وتحديد المسار الذي عليه يجب أن نسير.
ومن تلك الجمل مثلاً ما ترنم به المرنم في المزمور المائة والخامس بقوله " افتخروا باسمه القدوس" Glory in his holy name. وربما نحتاج أن نسمع هذه الكلمات خصوصاً في عصرنا الحاضر الذي يقودنا بل يُغرينا أن نفتخر بأنفسنا وبإنجازاتنا وبأعمالنا وننسى أن ننسب الفخر وكلَّ الفخر لله تعالى. لذلك يقول بولس الرسول " من افتخر فليفتخر بالرب" ( 1كو 1: 31)، ومعنى هذا أنه مهما حققنا من إنجازات ما كانت لتكون بدون نعمة الله علينا. ألم يقول بولس الرسول " بنعمة الله أنا ما أنا ونعمته لم تكن لي باطلاً". فعندما يُدبّر الله نعمة لنا فما علينا إلا أن نستخدم تلك النعمة في سبيل الخدمة التي تصّبُ في صالح الناس والمصلحة العامة وتقود الناس في طريق الحق والعدل والسلام.
فالله هو الذي يدعونا وهو الذي يقودُنا على الدوام ويشبع في الجدوب أنفسنا، ويمحنا قوة سماوية تعمل في داخلنا وتجعلنا أن نرى الله في وجه خدمة القريب وسعادته وإرتقائه، فتكون خدمةٌ نابعة من القلب كما للرب وليس كما للناس، وخدم لا تعرف الوجل أو الخوف بل مشوبة بالجرأة والقوة والشجاعة، فهي إذ لا تسعى إلا لإرضاء الله حتى ولو لم ترضي بني البشر، فالبشر في الموازين والمعايير السماوية هم إلى أسفل لأنهم ببعهدهم عن ينبوع الحياة الأبدية لا يفكرون إلى بأنفسهم وبمصالحهم وبذواتهم ويتناسون أن دعوتهم السماوية والنعم التي أسبغها الله عليهم إنما هي لتؤول لمجد الله القدوس في حياتهم، فيكون المجد وكل المجد لله على كل شيء، لذلك يقول المرنم " افتخروا باسمه القدوس".
لذلك، فمها أنجزنا في حياتنا ومهما حققنا من رفعة وسمو ومهما بلغنَا من تحصيل العلم والمعرفة والمال، فالإفتخار الحقيقي يجب أن نقدمه لله فوق كل شيء لأن منه وبه وله كل الأشياء من الآن وإلى دهر الداهرين آمين.