الله يا محمد الخضيرات ، يا شهيد الفجر ، كم بعثتَ فينا من حزن صباحي ، كُنّا ننام وأنتَ وصحبكَ تشتبكُ مع جبناء الليل بالرصاص ، فأعذر تقصيرنا يا ابن عمي ورفيق السلاح .. حملتَ دمك أنت وصحبك من الجنود لتحمي به بلادنا ، كانت أصابعك على الزناد ، بعيون صقر متأهب ،إرتديت الليل وتوضأت بمطر الكوانين ، وتكحّلت بدعوة أمك وأبيك .. واجهت أعداء الوطن بكل شجاعة الجندية الأردنية ، لم يرّف جفنك ، وصافحت الموت الذي أتاك مع نداء الفجر ، ليحملك مع نجماتك الثلاث التي نلتها من السماء، لترتقي من رتبة نقيب وتصعد إلى رتبة شهيد ويا لها من مكانة وترقية لا يطاولها إلا ذو حظ عظيم .
هل كان يظن المخربون وتجار السموم والموت أن يعبروا الحدود كنزهة، هل إعتقدوا أن الشتاء والبرد القارس سيمنع عنهم رصاص حرس الحدود .. خابوا وخسئوا فكنت وصحبك الأبطال في المرصاد لهم ولأمثالهم من مرّ في خاطرهم أن بلادنا سهلة المنال ..
هل تعلم يا محمد كم فجرت اليوم فينا من حزن في قلوبنا ، حتى فاضت عيوننا بالدمع مثل مطر السحاب المنهمر على شجر وتلال بلادنا .. لا أعرفك والله ولكن أقرأ في وجهك سمات الأردنيين الذين لم يعرفون إلا التضحية ، وألمح شجاعة تتوهج من عينيك .. كيف يسبق القائد الجند نحو الموت ، وهو درس لا يعرفونه تجار المناصب ، لم تختبئ مثلهم عندما ناداك الواجب ، هم يختبؤون عند الشدائد ، وفي المغانم يسابقون الريح ..
ستعود إلى قريتك اليوم ملفوفا بالعلم ، وتعود لأمك لتجد ريحك ، وهل سيطفئ حزن قلبها ، "سلام على دمع البنات" وسلام على حزن الأمهات ، ولكن يا محمّد هذي بلادنا ليس إلا العسكر موردا للكرامة وللشهادة والعطاء ، وليس إلا دروب العسكرية من تصنع الأمل عندما يفيض بنا اليأس ، فهي مؤسسة الجيش التي بناها الأردنيين قبل الدولة ، بنوها بدمهم وعرقهم وحبّات عيونهم ، ولم تخذلهم كما خذلتهم الحكومات.
سلام عليك يا محمد ، وعلى دمك ، سلام على صحبك الجرحى ، وعلى رفاق السلاح الذين لم يتركوا خنادقهم عندما إنحسر الرماة وتركوا الجبل بحثا عن مغنم .. سلام على حزن أمك وعلى قلوب أمهات الشهداء ، اللواتي يتجدد حزنهنّ كلما مرّ موكب شهيد ..