تراب الأردن الطاهر يعشق دماء الجنود الشهداء، لا يرتوي الشيح والزعتر على ضفاف الأودية وفي سفوح هضاب الصحراء، إلا من دمٍ نقيٍّ طاهرٍ ورديِّ اللون غير ملوث، حتى الحجارة البركانية في الحَرَّة لا تشرب إلا من دماء الشهداء، هي علاقة قديمة، وقيم دينية، وعقيدة قتالية، ومبادئ عسكرية حميدة، هي موروث شعبي عريق، يجمع ما بين طهارة الأرض وعفّة الشهداء، ما بين البنادق والخنادق، ما بين السواعد والمدافع، هي ارتباط بين الحياة ودماء من لا يُخل بالوعد، ولا ينكث بالعهد، دماءُ الشهداء ليست ضريبة ولا زكاة لتطهير العباد، بل عطاءٌ للروح، جودٌ بالنفس، كرمٌ بالحياة، طلبٌ للموت، عشقٌ للشهادة، الشهيد النقيب «محمد الخضيرات» كان يرنو نحو الأفقِ البعيد، يبحث عن أباليس الأرض وشياطينَ الإنسِ، من أدمنوا التخريب والترهيب والتهريب، طلبَ الموتَ والشهادة في سبيلِ الله حتى يَهِبَ لنا الحياة.
الحدود الشمالية، والشمالية الشرقية، ستبقى مصدر قلق، عامل عدم استقرار، مستنقع تهديد، بؤرة تحدٍّ، الجوار السوري يرقد في حضن الأفعى، أرض شبه محروقة، جوعٌ وخوف، بحيرة عميقةٌ من الدماء، يصعبُ توقعُ صفاء أجوائها، سيمضي وقت طويل قبل أن تجف دماء سوريا، القدر فرض علينا جواراً هشّاً مليئاً بحقول الألغام.
لا نغفل عن طول الحدود، صعوبة الأرض، وعورة التضاريس، عدم قابلية الحركة، ندرة الطرق، الصخور البركانية، كثرة الأودية، الأرض تعمل لصالح المهربين، توفر لهم التخفية والتستر وطرق التقرب، خداع أجهزة المراقبة، وربما هناك تسهيلات يحظى بها المهربون من الجانب المقابل، ومع كل ذلك، فقد أثبتت قواتنا المسلحة الباسلة، أنها قادرة على بتر الأيدي التي تحاول العبث بالأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي.
الواقع، هي طريق الحرير من أفغانستان إلى لبنان وسوريا والأردن، نحو الجزيرة العربية ودول الخليج، تهريب الأسلحة والمخدرات، هي معركة مستمرة بين الحق والباطل، بين الجشع والقناعة، بين الضلالة والهدى، بين موت ضمائر عصابات التهريب، ويقظة الجيوش والأجهزة الأمنية، تجارة المخدرات على مستوى العالم، تخطَّت 300 مليار دولار سنوياً.
رحم الله شهدائنا الأبرار، وحمى الله قواتنا المسلحة الباسلة، وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار في ظل جلالة القائد الأعلى، رمز الوطن، وقائد الأمة، وصمام الأمان.