كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حقوق المرأة بين مُطالب بحقوقها ,وبين معترض لأن المرأة الأردنية مصونة وحقوقها محفوظة ,بين من يطالب بمشاركتها في الحياة العامة والحياة السياسية وبين من يعتقد أن هذه المطالبات هي لهدم الأسرة والدعوة للإنحلال !!
أثار أضافة كلمة الأردنيات والتعديل الذي حدث الكثير من اللغط حتى بات الحليم حيران ,كلٌ يؤكد ما يقول ويهاجم الطرف الآخر ,بين لجنة لشؤون المرأة وإعلان مستفز يؤكد أن مكان المرأة هو الاعتصامات والبرلمان والسياسة وبين مقالات ركيكة وضعيفة تؤكد أن إضافة كلمة اردنيات هو الطامة الكبرى وبداية انهيار الأسرة وانحلال النساء وعمل المرأة كسائق مدحلة وميكانيكي شاحنات !! استخفاف بعقول النساء الأردنيات .
وكأن المرأة الأردنية كما يقول المثل :(مثل يد الباب كيفما تديرها تدار,إما يميناً وإما يساراً ) وهذا تقليل من وعي وثقافة المرأة الأردنية ,المعروفة بعلمها وثقافتها ووعيها وإدراكها ,وقدرتها على إدارة الأمور والتكيّف مع أصعب الظروف .
مكان المرأة الأردنية هي من تختاره ,إذا كانت ترغب أن تكرس كل وقتها لأسرتها فهذا خيارها ولا يعني ذلك أبداً أنها مقموعة أو بلا طموح , الكثير ممن أعرف من نساء رائعات اخترن أن يكن ربات أسر لإيمانهن أنه أعظم أدوار المرأة ,أحترم قرارهن ووجهة نظرهن فهو دور من أقدس الأدوار في الحياة , وكذلك الكثيرات يعتقدن أنّهن قادرات على خوض غمار الحياة العامة والسياسية وفعلاً حققن الكثير, فكما كثير من الرجال لا يجد نفسه بالسياسة ولا الحياة العامة, ويؤمن بدوره كربّ أسرة يكدّ و يعمل ليربي ويعلّم أبناءه وهذا جل اهتمامه فليس كل الرجال سياسيين وبرلمانيين ونقابيين وغيره .
بالتأكيد ليست كل النساء الأردنيات يمتلكن قرارهن, ويتعرض الكثير منهن للعنف والاضطهاد وكل من يدّعي ذلك يعرف في قرارة نفسه حجم الانتهاك لحقوق المرأة في الكثير من الحالات ,وكل من صوّر أن المرأة الأردنية مسلوبة الإرادة ومظلومة ولا تملك قرارها يعرف كذلك أن الكثيرات يمتلكن قرارهن ومؤثرا ورائدات وقياديات, إذاً ليكن الطرح منطقياً وواقعياً يحترم ويقدّر المرأة الأردنية .
أنا كامرأة أردنية أعتزّ بدوري كأم حريصة على تربية أبنائي وعلى بيتي ,وفخورة بأنني عملت لسنوات طوال في أمانة عمان الكبرى وقدمت فيها كل خبرتي ومعرفتي وحققت الكثير وحصلت على جائزة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للإبداع ,وكنت طوال الوقت حريصة على التوازن بين حياتي الأسرية والمهنية , لا يعني ذلك أن الحياة كانت سهلة لكن الإصرار والايمان بالقدرة على تحقيق الأهداف يصنع المستحيل.
وأنا كأمرأة أردنية قررت خوض الانتخابات البلدية وكان خياري ,لأنني أؤمن أنني أستطيع أن أقدم لوطني ومجتمعي , اضافة كلمة أردنيات لم يكن لها تأثير على قراري, هو حقي بالترشح قبل إضافة كلمة أردنيات وبعدها ,ولا يمكن أن تعني إضافة كلمة أردنيات التخلي عن الدين والمبادىء والثوابت والأخلاق ,فعندي الوعي الكافي كما أغلب الأردنيات للتمييز والحكم على الأمور,لا تعني أردنيات أن العلاقة بيني وبين الرجل علاقة ندّية ,وحرب تكسير عظام ليثبت كل طرف أنه الأقوى ,اضافة كلمة اردنيات تعني لي أن تسود العدالة وأن يحصل كل شخص على حقوقه وبالمقابل يقوم بواجباته , اردنيات تعني لي التكامل والعمل يداّ بيد مع الرجل الشريك في كل مناحي الحياة من أجل الوطن والمجتمع والأسرة ,والطريق لتحقيق حياة ومستقبل أفضل.