لم تأخذ عصابات تهريب المخدرات تحذيرات الجيش الاردني المميتة على محمل الجد ولم تأبه بها ، فزادوا جرعة التحدي وامعنوا في الاجرام، وحاولوا التهريب فأردى حرس الحدود سبع وعشرون قتيلا منهم في آن واحد.
قد يكون ثمة جهات تنظيمية خارجية كبرى تحدثت عنها التقارير الدولية استغلت تردي الاحوال الامنية في سوريا للحصول على مكاسب اقتصادية عبر الاستثمار في صناعة المخدرات وتهريبها بواسطة شبكات دولية، او تسعى لزعزعة استقرار المحيط العربي لغاية تحقيق طموحات سياسية احدى ادواتها الخبيثة اشاعة المخدرات في خضم الصراعات الواسعة التي تدور في المنطقة.
تصاعدت الازمة الحدودية، وكان لا بد من مراجعة اساليب التصدي لهذا التحدي العنيد ووضع حد فاصل للمهربين، وبادر رئيس هيئة الاركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي لتغيير قواعد الاشتباك وطي صفحة انفلات الحدود الشمالية التي سلطنا عليها الاضواء، وتحدثنا عنها كثيرا بسلسلة متصلة من مقالات شديدة التركيز، قوبلت حينها بالمقاومة والتشكيك، ونشرتها الوكالات والمواقع الاخبارية الوطنية الحرة، ومورست ضغوطات لا علاقة لها بالحقيقة لازالتها، وجاء تغيير قواعد الاشتباك دليلا قاطعا على صحة ما كنا نحذر منه، وزال الشك باليقين وزال المشككون.
الجيش العربي راعى البعد القيمي قبل اطلاق حملته النارية المدمرة، وتمسك باخلاقيات الجندية وسمو الهدف والغاية، وابلغ عصابات التهريب مسبقا وبكل صراحة ووضوح عبر تصريحات اعلامية مكثفة بأن قواعد الاشتباك الجديدة قواعد قاتلة، وان الموت المحقق بانتظار من يقترب من الحدود الاردنية وفق النهج الجديد، ومع ذلك دفعتهم نزعتهم وميولهم الاجرامية لتجاهل البلاغ، والمغامرة بمحاولة اجتياز الحدود لتهريب المخدرات فلاقوا حتفهم على الفور ما ان وطئت اقدامهم الارض الاردنية، وسقطوا في كمائن الجيش الضاربة ، وضبط بحوزتهم كميات كبيرة من المواد المخدرة، ولا بد ان العملية كانت مسبوقة بمعلومات استخبارية دقيقة مؤكدة رصدت تحركاتهم وتتبعت دخولهم وافضت الى فاتحة النجاح.
ربما تشكل الحادثة ردعا عاما لكل من كانت تسول له نفسه التهريب، وقد تكون بداية النهاية لظاهرة انتشار المخدرات، فمن الواضح ان تنفيذ العملية بهذا المستوي من الاحتراف يدل على جاهزية واستعداد مسبق للمواجهة، ويدل على ان الخطة التي حاك خيوطها جيسنا العربي المصطفوي الباسل خطة ناجعة آتت اكلها مبكرا، ومن المتوقع ان توقف تنامي مشكلة المخدرات، وانتشارها الواسع وتغلغلها في المجتمع الاردني، وما رافقها من اقتراف جرائم غريبة تحت تأثير الادمان، فمنهم من قتل والدة بطريقة بشعة، ومنهم من قتل امه وفقأ عينيها بأعصاب بارده، وتعيدها الى معدلاتها المتواضعة السابقة، وتمكن رجال ادارة مكافحة المخدرات من اجراء المكافحة الداخلية بلا منغصات وعوائق خارجية، بعد ان كانت فوضى الحدود وكثرة المخدرات المربكة ترهقهم وتحملهم ما طاقة لهم به، وتعرقل تحقيق اهدافهم.