لربما المجتمعات المتحضِّرة تجاوزت الكثير من الحديث حول مفهوم عدم المساواة بين المواطنين والتمييز بينهم على أسسٍ عرقية أو إثنية أو دينية أو حتى جندرية. وربما يكثرُ هذا الحديث في دول العالم الثالث التي ما زالت ترزح تحت مفاهيم الدكتاتورية وغياب العدالة والمساواة والمشاركة الحقيقية لشعوبها في صنع القرار وتحمّل المسؤولية. وهذا ما يجعلها دائماً في صعود عكسي نحو الخلف وليس صعوداً إلى فوق نحو القمة، لأنَّ المشاركة والشراكة والمساهمةَ تجعل الإنسان شريكاً حقيقياً وذو مصلحة في تحسن مجريات الأمور مما ينعكس على حياته ونوعية الحياة التي يرتضيها لنفسه ولأبنائه.
واليوم نسمع بقوة عن مفهوم عدم المساواة في الثروة وخصوصاً مع هبوب جائحة كورونا منذ آذار 2020 والتي أفقرت الملايين وأضعفت مراكزهم المالية، وفي المقابل فقد كانت بمثابة الرافعة التي ضاعفت ثروات البعض، ويقال بحسب تقرير منظمة أوكسفام الخيرية بأنَّ عشرة أشخاص في العالم قد ضاعفوا ثرواتهم أضعافاً لا تأكلها النيران بينما هناك من لا يَقدر أن يقتات على الخبز الساقط من مائدة أربابها.
ربما هذه من النقاط الهامة التي وجب على المنتدى الإقتصادي العالمي أن يتدارسها ويتفكر بها في موعد إنعقاده القريب في منتجع التزلح الرائع في سويسرا، لماذا؟ لأنَّ الحياة وهي أشبه بخط متعرج لا تعرف متى تكون معك ومتى تكون عليك، وهنا وجب أن يكون هناك حالة من التوازن التي تخدم البشرية، فقيمة الحياة البشرية أن يحيا الجميع حياة يَسودها الحَّدُ الأدنى من الكرامة الإنسانية، فإن فُقدت هذه الكرامة لم يعد للحياة معنى، ولا يمكن للعالم أن ينعم بالسلام والسلم والطمأنية في الوقت الذي تكون حاجة القلة من الناس فوق الأشباع وتكون حاجة الأغلبية في وضع يُرثى له، فمن حق الحياة علينا أن ينعم جميع سكان الكرة الأرضية بالحاجات الأساسية التي يحتاجها أي إمرءٍ ليقدرَ، إذ اجتهد، أن يساهم في تقدم الإنسانية وحضارتها.