من الملاحَظ أنَّ التكريم لصاحبي الجلالة الهاشمية يأخذ بعداً عالمياً، وهذا تقدير للدور الكبير الذي يقوم به صاحبا الجلالة والذي يتجاوز حدود المملكة الأردنية الهاشمية ويضفي بصمة ذات أثر إنساني يحتاجه عالمنا على الصعيد الإنساني. فكثيرون قد يتميّزون على صعيدهم المحلي وهذا في غاية الأهمية، ولكنْ أنْ يتميزَ الإنسان على صعيد عالمي فهذا قمة في الإبداع والعطاء والتميّز.
لذلك لم تكن جائزة الشيخ زايد للأخوة الإنسانية يوم الجمعة الماضية 25/2/2022 هي الأولى التي يتسلمها صاحبا الجلالة، فقد سبقها جوائز عدة، منها جائزة تمبلتون للحوار بين الأديان والثقافات وجائزة مصباح السلام، ولكن جائزة الأخوة الإنسانية هي تتويج للجوائز السابقة وتكريساً لها، ومؤشر لدور أكبر وأعمق لصاحبا الجلالة في المساهمة في خدمة الإنسانية التي إفتقدها عالمنا نتيجة الصراعات والنزاعات الطائفية والعرقية والدينية وغياب روح الوئام والسلام والإستقرار والتسامح وقبول الآخر، والمزيد من معاناة اللاجئين حول العالم وأحدثها موجة اللجوء الأوكراني إلى دول الجوار، وتزايد معاناة الأطفال من جراء النزاعات والحروب في أماكن مختلفة من العالم وحرمانهم تباعاً من روح الطفولة، عداك عن معاناة النساء وبؤسهّنَ وفقدانهن لأبسط حقوقهم.
وقد شكلت رسالة عمان في العام 2004 منحنى هام على الصعيد العالمي بأنّ الهاشميين يمثلون رسالة الإسلام المعتدل الوسطي والبعيد كل البعد عن الغلو والتطرف والتعصب والعنف والإرهاب ويقبل بالحوار والإنفتاح على الآخر والتعاون على البّر والتقوى بما يصُّبُ في خير البشرية جمعاء والمساهمة في الحضارة الإنسانية. كذلك شكلت كلمة سواء في العام 2007 دعوة جادة إلى اللقاء على الكلمة التي تجمع بين الشعوب والأديان على القيم المشتركة والمبادئ الإنسانية النبيلة التي يشترك بها عالمنا وينادي بها جوهر أدياننا بأن الله محبة وبأننا مدعوون لمحبة الله ومحبة القريب. وليس بأقلُّهم الأسبوع العالم للوئام بين الأديان في العام 2010 الذي إتخذ من منبر الأمم المتحدة إجماعاً دولياً بأنَّ الوئام الديني عامل مهم في تقدم المجتمعات وتطورها وبأنَّ الدين هو عامل سلام بين بني البشر وليس عامل فرقة وإقتتال وتناحر.
واليوم يحصد الأردن بالقيادة الهاشمية المباركة جائزة الأخوة الإنسانية تقديراً وعرفاناً للدور الفريد الذي يقوم به تجاه ترسيخ القيمة الإنسانية المشتركة إنطلاقاً من بلادنا المقدسة التي يسري في أرضها نهر المعمودية المقدس والأرض التي إحتضن ثراها أضرحه العديد من الصحابة.
وما تسلّم جلالتيهما هذه الجائزة إلا دعوة لنا لأن نحافظ على إرثنا التاريخي والديني وتراثنا العربي الأردني الأصيل في كرم الضيافة والإنفتاح والحوار ونصرة قضايا العدل والسلام وعلى رأسها القضية الفلسطينية والدفاع عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية ونصرة المظلوم.