حلا أبوشاكر _ يوماً بعد يوم يزداد تعلق الناس بوسائل التواصل الاجتماعي التي باتت بالنسبة لبعضهم كالماء والهواء اللذين لا غنى عنهما، وهناك من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للعلم والثقافة والتواصل مع الأهل والأقارب أوعقد صداقات جديدة من كل أنحاء العالم، بينما هناك من يستخدمها للنفاق والمجاملة من أجل منفعة شخصية أو دفع الآخرين لأخذ نظرة مغايرة عن حقيقته التي قد تتسم أحياناً في الواقع بصفات لا تقربه من الآخرين.
أنّ الصورة المشرقة التي تظهر عليها المنشورات الفيسبوكية ليست إلا واجهة لمّاعة لا روح فيها ولا حياة، رغم أننا لا يمكن أن ننفي صدقية بعض الناس في ما ينشرون، وجديتهم للإفادة، فقد نجد الكل تقريبا متدينين في أبهى حلل الإيمان، أو متفتحين على العصر يؤمنون بالمساواة بين الجنسين ويدافعون عن الأبعاد الإنسانية العميقة وعن الديمقراطية وعن العدل الاجتماعي وعن الحرية وعن المرأة والثقافة والتعليم والاقتصاد…كما نجد البعض الآخر يتحلى بكل القيم والأخلاق الإنسانية النبيلة في تعليقاته وتعاملاته الظاهرة مع أصدقائه الحقيقيين والافتراضيين.
إن كانت "وسائل التواصل الاجتماعي" هذه وجدت ليتواصل الناس ويتقاربون كما يزعمون . فالتواصل لا يكون من خلف الستار وأما على أرض الواقع يتصرفون وكأنهم لا يعرف بعضهم البعض، ولا يعين بعضهم بعضًا، يتواصلون فقط مع من معهم في المجموعة (أخص ذوي الرحم) وأما إن لم يكن فلا تواصل ولا سؤال، ومن كان على هذه الشاكلة فعقله رديء، وليس ذو عطف أو إحساس أو يعرف معنى الإحسان، وهذا مَدعاة للنفور والشقاق لا التواصل والانسجام.
أما الواقع فهو أمر مختلف تماما، فعمليات التجميل شملت الصور التي تنشر وحتى وإن كانت طبيعية فهي تخضع تماما لفعل انتقائي بأهداف وغايات معينة تقوم أساسا على تجميل الملامح وإخفاء ما أمكن إخفاؤه مما يعتقد أصحابها أنه بشاعة، والبعض الآخر لا يظهر صوره مطلقا تخفيا أو هروبا أو لعدم القدرة على الانكشاف والمواجهة.