لم يكن العدوان الاسرائيلي صباح يوم 1968/3/21 مفاجئ لقواتنا المسلحة فقد امضى القادة تلك الليلة في مواقعهم الامامية، والجنود في خنادقهم وطلقاتهم جاهزة في بيت النار، ومدافع الكتيبة السادسة في عيرا ويرقا مشرعة لقصف المعتدي، فقد زود "راعي الغنم" القيادة بأدق المعلومات عن تحركات العدو ومحاوره وساعة الهجوم، "راعي الغنم" كان ضابط الاستخبارات الاردني غازي عربيات رحمه الله، القائد الخفي لمعركة الكرامة، الرجل الوطني المخلص الغيور الذي عمل بعد هزيمة حزيران مع الشهيد وصفي على تنفيذ مشروع الجبهة الرابعة الذي يقوم على إنشاء ميليشا شعبية داخل الضفة الغربية هدفها إشغال العدو وإدامة الحرب معه ونقلها خلف خطوط التماس، ولهذه الغاية اشترت الاستخبارات العسكرية ما مجموعه (35) رأس من الماشية، كان غازي يرتدي زي راعي اغنام ويختار نقطة خفية على الشريعة أو بعدها للعبور داخل الحدود ويلتقي بوجهاء الضفة الغربية لتأسيس ميليشيات المقاومة وتأمين طرق نقل السلاح لها، لم تشك قوات الإحتلال الإسرائيلي به، ولم تستطع ان تصطاده كونه كان يجيد التمويه وفنون العمل الاستخباري، استطاع رصد حشودات قوات العدو قبل المعركة وحدد أماكن الهجوم وحجم الاليات وأعداد القوات المقاتلة بدقة، ولحظة عبوره مع اغنامه النهر ارسل برقيته المفصلية الى قائد الجيش بكافة التفاصيل مما ساهم في الاستعداد للمعركة، في ذلك الفجر وعند دخول القوات الغازية كان النشامى لهم بالمرصاد، وبدأت مدافع المدفعية السادسة في عيرا ويرقا تطلق حممها وتدك تجمعاتهم خلف النهر، دارت رحى المعركة وحقق ابطال الجيش العربي النصر، وضمدوا جراح الأمة المكلومة بحزيران، لم يكتفي غازي بما قام به بل التحق بالقيادة الامامية وتابع سير المعركة من وراء الكواليس مع سائر ابطال الجيش من قادة وضباط وافراد باحتراف عسكري بارع انكر فيها ذاته، استلم بعدها عدة مناصب عسكرية وامنية كان آخرها مديراً للامن العام، وافضى الى ربه في حادث سير على طريق مطار ماركا اثناء عودته من اجتماع مدراء الامن العرب وليس في رصيده سوى بقية من راتبه وبيته المتواضع من طابق ارضي من اسكان القوات المسلحة. رحم الله غازي عربيات "ابا الفهد" وكافة شهداء جيشنا العربي .