بين اليوم والأمس تتعدد وتختلف طرق إحياء ليالي رمضان في العالم.. أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم يعبرون عن احترامهم للشهر تبعاً لما يسود في بلادهم.. فبينما يحي البعض هذه الأيام المباركة بالقنوت والذكر وقيام الليل يتسامر البعض الآخر بابتكار نظم حديثة لم ترتبط قط برمضان..
السبعيني عبدالكريم أحمد يقول :» المساجد اليوم ليست كما كانت قبل 10 سنوات في رمضان تحديدا، وبين الماضي والحاضر تختصر الصور والذكريات.. فكنا نفرح بقدومه قبل الكبار على الرغم من غياب مائدة الفطور والغداء، ربما لأننا
نجد في الإفطار ما يعوض ويزيد فتصبح الحلويات وحساء العدس ومشروبات العصائر والقمر الدين هوساً يوميا نتسابق قبل غيرنا لتناولها..»
ويضيف :»كانت الناس في شهر رمضان المبارك ليس كما كانوا في غيره.. تسود أيامهم فطرة الحب والتسامح والرحمة ويخرج عامتهم من غياهب البغض والعداء والقطيعة، ويتوجه الجميع باندفاع غير مسبوق الى دور العبادة والدين وتلاوة القرآن والاستمتاع بسماعه عبر الإذاعة والتلفزيون وانتظار صوت الأذان ومدفع الإفطار إيذاناً بإنهاء
يوم من أيام صيامه..»
أما نور مهدي 39 عام تقول:»كانت قنوات التلفزيون والإذاعة تتزاحم لتدفع ببرامج التوعية والصلاح ومسلسلات الدعوة والإيمان وأفلام السلام والإسلام، حتى الطرب والغناء يتحول مطربيه وفنانيه الى الإنشاد والترتيل فنجد صور المطربات والمطربين بلباس التقوى والخشوع يرددون موشحات رمضان وقصائد الدعاء والاستغفار والرجاء..».
وأضافت:» ففي مثل هذه الأجواء والبيئة تربى جيلنا لينهل من منابع الصدق والنور ويكتنز في نفسه مكامن التفائل والحياة والتي تركزت في الضمير والروح قبل غيره من الجهات..»
تتابع مهدي:» هكذا كان رمضان في أيامنا نحتفي في آخر أيامه بحلاوة أكثر من ولادته ونحن نتحرى ليالي الفوز والاستجابة علَّ مِنا من يصادف ليلة القدر التي يحييها الجميع في دور العبادة والدين.. تغمرنا فرحة النصر على أنفسنا
وقهر الشيطان والطمع بمغفرة الله وإحسانه...»
الخمسيني عمر داوود يقول:» الكل يعيش ويعرف كيف هو رمضان اليوم.. إذ يختصر به البعض أهمية الشهر على تقديم التهنئة بدخوله برسائل التواصل الاجتماعي واتس اب وفيسبوك، وكذا الحال في آخره والعيد..
يتابع:» كما نجد من حولنا يترقبون برامج الفضائيات ويتحسسون بأي منها سيعرض المسلسل والبرنامج، ونتسابق على التقاط أداة التحكم بالقنوات كي لايفوتنا من الأمر شيئا.. وأي شيء أنا أتكلم عن كم ونوع هذه القنوات الفضائية التي أصبحت في رمضان تتنافس لشد المشاهد على ما تقدمه لإفراغ ما تريد في روح ونفس الصائم..
يضيف داوود:» أتألم والله لأني أخاف أن يمر علي شهر كفضل ومنزلة رمضان كما تمر بقية الشهور، فأنسى فيه أن الله تعالى جعله لنا رحمة ومغفرة وعتق من النيران وكبّل بفضله الشياطين بقيود من عنده ولكنه ترك شياطين الأنس ليختبر بحكمته إرادة وعزيمة إيماننا..»
العشرينية هند صابر تقول:»الأمر لا يقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي، بل باتت مشاهدة القنوات الفضائية المتعددة تشغل الكثيرين، فتجدهم في منازلهم، لمتابعة أحداث مسلسل ما، أو متابعة برنامج يفضلونه، ويبدأ «تقليب» القنوات لساعات طويلة، قد تمتد لساعات الفجر»..
وتشير صابر ل» الدستور « إلى أن المقارنة بين رمضان في الماضي والحاضر صعب؛ حيث إن هنالك طقوساً تلاشت؛ في الوقت الحاضر كالجلسات العائلية، وزيارة الأقارب بعد الإفطار، وتفقد الفقراء والمحتاجين.
وتعزو صابر أسباب هذا التغير، نتيجة للتقدم التكنولوجي الذي يسيطر على الحياة اليومية، تقول :» بات التغيير واضحاً لا يمكن نكرانه، وبات الأبناء يجالسون مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من عائلاتهم، وأصبح الأمر بالنسبة لهم من ضروريات الحياة، ويصعب الاستغناء عن وسائل التواصل الإلكتروني.»
لافتة إلى أن أولياء الأمور يصعب الفرض على أبنائهم أموراً معينة، كزيارة الأقارب، أو الذهاب لصلاة التراويح، منوهة إلى أن الأمر لا يقتصر على أبناء، فنجد أولياء الأمور، يحملون أجهزتهم الخلوية، ويتواصلون إلكترونياً مع الآخرين.